ان يتدافع الفاشيون و الوظيفيون و الشعبويون المعلنون بوجوه مكشوفة في التبرؤ من الدعوة الغامضة و الحمقاء الى " ثورة الانقلاب " من اجل " الحكم العسكري المؤقت " التي أطلقتها منذ مدة غرف مجهولة و لم يتبناها الا النطيحة و العرجاء و ما اكل السبع من بعض المحمولين على " نشطاء السياسة " في هذا الزمن الاغبر ...فهذا دليل على ان خيار المجهول الانقلابي بالإرباك و التعطيل و التعفين هو خيار غير جاذب و بلا افق رغم اشتغال اطراف عديدة عليه منذ اشهر و بتسويغات و ممارسات و جمل سياسية صريحة من الناطقين العلنيين لحلف الفاشية و الشعبوية و الوظيفية الرثة تحت قبة البرلمان و في وسائل الاعلام و على الساحة السياسية التقليدية .
ان يكون هذا الخيار عديم الجاذبية لا يعني ان الواقع الحالي تحت حكم التنظيم و الاكاديمية في القصبة و حلف قلب / النهضة في باردو و جبهة قيس سعيد في قرطاج هو واقع جيد او مقنع في بلد يعيش مازق انجاز اجتماعي و اقتصادي .
عدم جاذبية هذا الخيار و تدافع اجنحته العلنية الى التبرؤ منه سببه اولا امتناع الدولة العميقة داخليا و رعاة التجربة خارجيا عن تبنيه لما يرونه من ضعف الداعين اليه فلو تشكلوا فعلا كقوة بشرية على الارض و مستعدة لتقديم نفسها كبديل واقعي و معتدل و بكوادر قيادية جديرة بالاحترام السياسي لدى العميقة و الراعي الخارجي لتم دعم خيارهم و لكن لابد من الاستخلاص ان تحالف الفاشية و الوظيفية الرثة و الشعبوية الخاوية لم تظهر في اخر التحليل الا حالة هستيرية و صبيانية و غير قيادية في باردو و حالة غامضة و مترددة بلا رؤية في قرطاج و ضعف حقيقي على الارض تم التأكد منه في الموسم الصيفي و الشتوي للتعبئة الشوارعية في السنة الفارطة .
العميقة و الراعي الخارجي و الطبقات الشعبية الوسطى و النخب و مربعات النفوذ المحددة في كل " تحول سياسي " لا تنحاز الا الى " مقترح سياسي " يبرز. معايير قوته التي ذكرناها ( كوادر محترمة ..جملة سياسية مقنعة ..عمق شعبي على الارض ) و الا فانه يختار الواقع على " الغيب " .
هذا لا يعني في المقابل ان الاستقرار في الواقع الحالي خيار مضمون و امن و مريح بحكومة الاكاديمية و التنظيم التي " يتمحمح " الماسكون بها في القصبة بين كراسي الانتهاز البراغماتي الرخيص ( يد عند الانقلابيين و لوبيات الفساد و يد عند الدولة و ساق عند الفاشية و الشعبوية)و التي لا يعرف حزامها على اي رجل يرقص معها خصوصا وهو حزام. تشكله خيوط متنافرة لا تستقر على " خيار " في ما يتعلق خاصة بأهداف الانتقال و الثورة مثل مقاومة الفساد و الانطلاق الجدي في الاصلاحات الحقيقية. و الانجاز الاجتماعي .
خيارات كسر المسار و الاسقاط و " الثورة الثانية " مجرد ثرثرة عاجزة اذا صدقنا بعض الصادقين الداعين لهذا الخيار او هي في اخر التحليل كما يتبين دائما مؤامرات اذرع باعت ضمائرها لمحاور دولية افلست ...لكن خيار الاستمرار في هذا الواقع الغامض في الحكم و في هذا الانقسام بين القوى الوسطية المنتصرة للانتقال المنجز و المجدي هو خطر على البلاد ايضا …
اذن ...ليس امامنا الا تحالف وطني واسع حول الادنى يحدد عناوين المشترك الراهن يتم عبره قيادة البلاد الى بر الامان الصحي و الاقتصادي و الاجتماعي ثم تسليم الامانة لصاحبها بعد عام من الان. في انتخابات جديدة تفرز مشهدا جديا و جديرا بالاحترام و صناعة الاستقرار المنتج بعيدا عن هذا التهريج الموسمي الذي نعيشه مع شعبوية بائسة و فاشية مقرفة و انتهازية رثة .