ليس امام قرطاج الا الذهاب الى القصبة وباردو في حزمة واحدة..
بعد زيارة الرئيس قيس سعيد الى باريس و المشيشي الى طرابلس بات واضحا ان مرحلة كاملة انتهت بفشل خطة قرطاج و نجاح " استعصاء القصبة " . منذ سقوط حكومة الفخفاخ وانفراط عقد التحالف الهش ومنذ تعيين المشيشي وهروب " الابن العاق " من طوق "ابيه" انطلقت خطة اسقاط " المنظومة " المتمثلة في الحكومة ووسادتها البرلمانية.
كان صيف 2020 وخريفه وصولا الى الايام الاولى من شتاء 2021 تقاطعا واسعا بين العناصر المتنافرة في " جبهة قرطاج " والملتقية موضوعيا على خطة الاسراع لتفريك "وسادة المشيشي " واسقاطها بالشارع والتعسير الاقتصادي والصخب البرلماني وصولا الى عزل " شيخ التكتيكات والعلاقات الدولية " لتوفير كل الظروف من اجل تكييف اجتماعي وشعبي وقانوني لإعلان بيان ومرحلة " الفصل 80" وانهاء منظومة " الوسادة وانتقالها الديمقراطي".
جرت المياه سريعا في النهر. انكسر الراعيان الدوليان في باريس وابو ظبي. ذهب ترامب. هدأت ليبيا. ودخل بايدن بيته الابيض ليعالج ولايات متحدة اثخن فيها عبث الشعبوية الترامبية وهددت مكانتها في افريقيا حماقات ماكرونية جعلتها في مواجهة المارد الصيني والدب الروسي.
وبين فشل تحشيد شوارع خاوية من جبهة قرطاج وسيل شوارع جارف اخرجها " شيخ التكتيكات " كلما اراد تثبيت نفسه على مقود ادارة اللعبة تبين بوضوح ان ربيع 2021 التونسي يدخل على مهد " الربيع العربي " بتأكيد موازين قوى لا تسمح ابدا بمغامرات تأويل فصول وغرف اجهز على طموحاتها " القارحة " تسريب ثرثرات احد هواتها والتفكيك الاستعراضي لحشود فك الحصار على " اتحاد الاخوان والقرضاوي " في تثبيت دراماتيكي لموازين " المباهلة" بالشوارع المتقابلة.
مر قانون المحكمة الدستورية وجاء هاتف التوبيخ والاستحثاث من " العم سام " وسلمت باريس بالانكسار واعلنت لقاءات " بيت الحكمة " ان الحكمة يملكها من يملك "القوة" في الداخل مدعوما " بخارج " لم يتوقف عن الذهاب الى عناوين " ادارة اللعبة والاستقرار " في القصبة وباردو.
لم يخرج التسريب هذه المرة من " العدو " بل كان من قلب "بيت العيلة" ايذانا باعداد " كبش الفداء " لمسح المرحلة فيه: خرجت المستشارة المستقيلة لتنجز المهمة وتمسح المرحلة الفاشلة في " الرئاسة " وتبرئ " الرئيس" الذي غدروا له " بمشروعه" الذي دخلت رشيدة النيفر من اجله (؟؟). و خرج البارحة رئيس الجمهورية ليقدم الكبش الثاني على مذبح المرحلة قائلا: "ماني متحالف مع حتى حد" اعلانا للتبرؤ من " الكتلة الدينقراطية " و النأي بنفسه نهائيا عن "خطة الفصل 80" و تاويلاته او تكييفاته ذات " النزعة الانقلابية " .
الخطاب الهادئ و اعلان نهاية " المرحلة الانقلابية " لم يكن دون رسائل تحسين شروط " الرجعة " . حوهر التحسين هو محاولة اعتماد ما يشبه الخطة التي " تمناها " منذ ساعات احد قيادات "تحيا تونس" و " بلطها " على الطاولة و الاكيد انه يعلم باقتراحها على الرئيس حيث قال وليد جلاد مخاطبا رئيس الجمهورية:" احتضن المشيشي حتى لا يبقى في حضن اخر (حضن الغنوشي طبعا) . و لهذا السبب بالذات كان لطف خطاب البارحة حاضنا " للمشيشي " و موجها للصواريخ كما العادة الى " الغنوشي " . رد الغنوشي لم يتأخر كثيرا حين نطق عن طريق مستشاره الاتصالي وسيم الخضراوي الذي دحض كل عناصر الخطاب الرئاسي في رسالة واضحة : لا عودة الا للقصبة و باردو مجتمعتين .
الحقيقة ان هذا الشرط الاول لتحسين " الرجعة " لا يبدو واقعيا اذ من الواضح ان " انتصار الوسادة " على جبهة "الفصل 80 " هو في تقدير كل من صنع هذا " الانتصار " انه انجاز للثنائي المشيشي والغنوشي. فضلا عن كون "الاستقرار " المدعوم امريكيا لا ينظر اليه الا على كونه استقرار يحتل فيه " شيخ التكتيكات الدولية " المركز الرئيسي خصوصا بعد ان تدعم هذا المركز بما يروج من مساهمة الغنوشي احد " اكبر قيادات الاسلام السياسي العربي " في ادارة مفاوضات وقف النار في غزة بعد انتصار المقاومة ومأزق الكيان.
الشرط الثاني في تحسين " الرجعة " كان مطالبة الرئيس الضمنية بالحفاظ على "برستيجه " بمعاقبة نواب او النائب الذي قاد عملية تسريب " غرفة الفصل 80 " و ما مارسه هذا النائب من تهجم على الرئاسة ما دفعها الى تحريك المحكمة العسكرية و لسنا متأكدين من منح هذه الهدية للرئيس مقابل "الرجعة " .
مازالت ساعات قليلة لنقرأ بيان تنفيذي النهضة المنعقد ليلة البارحة. لقد كان بيان الاثنين وقبل خطاب الامس قابلا بشرط وحيد للرجعة وهو " التصديق " على مسح المرحلة الرئاسية السابقة في " كبشة " الفداء الشابة الوافدة على زواريب السياسة الرهيبة، ولكن بيان اليوم سيكون بعد خطاب هادئ يضيف للرجعة شرطين اخرين: احتضان المشيشي فقط وعتاب الشيخ ثم اهداء " النائب الاستقصائي " لحفظ هيبة الرئيس العائد.
ننتظر ونرى.