أقدر ان هذه الاوهام التي يعلقها البعض من معلومي الهويات السياسية على هذا الاحتقان الاجتماعي لإسقاط المنظومة الحالية و الذهاب بالبلاد الى الفوضى بما بجعلهم قادرين على الاستفادة سياسيا هي اوهام ستؤبد فشلهم السياسي الفعلي و ستضعهم بشكل دائم في مدار انتظار انتصارات رخيصة لن تأتي.
من المؤكد ان كل الحكومات التي مرت على البلاد كانت مجرد دوران في حلقة مفرغة نظرا لعمق المعركة السياسية و مخلفات سنوات الاستبداد التي صحرت السياسة و خلفت لنا طبقة سياسية ضعيفة بكل تياراتها. لا أحد يستطيع ان يقول بان وضع البلاد جيد و لكن هذا " الفرح الدوري " الذي يبديه كثير من غربان الشؤم السياسي في كل شتاء يرتفع فيه منسوب الاحتقان الاجتماعي هو فرح ساذج و مريض لاعتبارات عديدة:
اولا لا أحد يملك قدرة على الاستثمار في الاحتقان او قيادته الى مكاسب سياسية في رصيده فمن يتوهم قدرة قيادة الناس في " الثورات المفترضة " كان عليه ان يثبت قدراته سابقا على الفوز بأصوات الناس في الانتخابات المتعددة التي شهدتها البلاد.
ثانيا لا أحد يملك القدرة على تحليل دقيق و عميق لوضعيات الاحتقان حالة بحالة ليميز بينها و يفرز المصطنع منها عن الحقيقي في وضع تنشط فيه الاذرع و اللوبيات و تصنع فيه بعض وسائل اعلام مشبوه من تقليدي و جديد الراي و المزاج و تزيف فيه الحقائق و الوعي.
ثالثا ليست السياسة الوطنية مجرد فرح بالاحتقان بل قوة اقتراح من اجل الوطن و التاريخ لم يعرف ابدا ثورة على الثورات و تغيرا في اختيارات الناس سياسيا و استراتيجيا في زمن قصير لا يتجاوز عشر سنوات لم يستجب فيها الشعب لكل دعوات الانقلاب على الديمقراطية و الصندوق رغم ما يملكه دعاة هذه الانقلابات من اموال و امكانيات.
عوض ما نراه من بعض الموغلين في مسار الفشل عبر الدعوة اليومية الى اشعال نار الاحتقان سيكون من الاسلم ان يتفرغ هؤلاء الخائبون لصناعة تصوراتهم المستقبلية من اجل الوطن.. تونس لن تخرب رغم حجم الصعوبات التي تعيشها …