منصف المرزوقي : لعنة على الانقلاب.
مثلما كانت القولة الشهيرة للرئيس المرزوقي : لا يصلح و لا يصلح ..هي كلمة السر التي اتجهت عبرها المعارضة الوطنية الى خيارها الجذري في مواجهة النوفمبرية وصولا الى مقولة القطيعة الديمقراطية او المقاومة الديمقراطية فسيكون الحكم القضائي المهزلة تتويجا لما اكدناه باتجاه الانقلاب عاريا من كل سند شعبي نحو الكشف عن وجهه الحقيقي حكما فرديا قمعيا لا يملك الا القوة الصلبة للدولة و اجهزتها حتى يحافظ على بقائه .
حماقة هذا الانقلاب الارعن انه لا يفهم ان الحركة الديمقراطية التونسية بلغت اشدها بعد عقود من مقارعة من هو اقوى منه من استبداد اصلي في سياقات محلية و دولية اصعب من سياقاتنا الحالية . قد تكون الحركة الديمقراطية فاشلة في الحكم ربما لكن المؤكد ان اللعبة المفضلة التي تتقنها و تنجح فيها بامتياز هي مواجهة المستبدين الاصليين فما بالك بنسخ التسلط المشوهة .
و هو يواجه ابرز قيادات الحركة الحقوقية و الديمقراطية العربية، بل و اكبرهم حضورا و انجازا الدكتور منصف المرزوقي لا يعلم الانقلاب انه بذلك يقدم. على جبل شامخ بقادومة حافية لا اسنان لها .
المرزوقي على امتداد العقود الثلاثة الاخيرة هو المفكر النظري و القائد الميداني عالميا للطموح العربي الذي لن يتوقف حتى " تطأ اقدام العرب ارض دولة المواطنة و الحقوق و الحداثة " …
انها "الثورة" و انتفاضة العقل العربي على الاستبداد "يا مولاي" و انها "الرحلة" نحو الانعتاق كي تدخل هذه الشعوب و هذه المنطقة كوكب العصر و قرية الكون حيث تتربع الحرية و المواطنة الديمقراطية المدنية على عرش ادارة التقدم الانساني فلابد لليل ان ينجلي .
الدكتور المرزوقي هو السياسي الوحيد الذي حين تشتغل معه تكون مطمئنا ان مجاله لا يمكن ان بنحرف نحو " خطايا " السياسة اما الاخطاء فهي من طبيعة كل فعل .
المفارقة العجيبة انك بالعمل مع المرزوقي قد تغضب لا من خطايا يرتكبها، بل من غياب كلي في اسلوب عمله لكل "براغماتية " يحتاجها احيانا العمل السياسي .مدرسة الرجل في السياسة انشداد خرافي الى فلسفة حقوق الانسان الكونية في اخر نسخها الى درجة تفقد السياسة معه احيانا كل ادوات نجاعتها مثل التكتيك و المراوغة و الغريب ان هذه المدرسة و ان كانت قد تخسر في " سوق الانجاز السياسوي " الا انها تنتصر دوما و تضحك اخيرا في دنيا القيم بما هي الغاية المثلى للسياسة بمعناها الاصلي كتدبير اخلاقي للمدينة .
الرجال و النساء ممن عملوا حول المرزوقي اختلفوا فيما بينهم من حوله لكنهم لم بختلفوا ابدا حوله فكل من ابتعد عنه بسبب خلافات ( لا يكون الرجل محيطا بتفاصيلها في غالب الاحيان ) يبقى مرتبطا بالرجل يهب لمواجهة ناهشيه كلما واجهه الاقزام …قلة من " قلال المروءة " هم من اساءوا الاختلاف معه حين ابتعدوا …اما المعادن الصادقة فهي تعلم ان الرجل رأس مدرسة في السياسة المندغمة بشكل اخلاقي عظيم مع فلسفة الحقوق بمعناها الكوني في غرب الانوار و مع فلسفة انعتاق الشعوب و تحررها الوطني بمعناه اليساري الافريقي و اللاتيني .
الحكم القضائي المهزلة الصادر على المرزوقي هو الحبل الذي يلفه الانقلاب حول عنقه .فقط .