الاكتفاء بمجاوبة هيئة الدفاع عن الشهيدين بالقول انها تضغط على القضاء او تبتز الحكم او خصومها السياسيين مجرد سفسطة لا تطمئن المواطنين العزل في اجواء ديمقراطية تواجه القوى
ديمقراطية المخالب و الانياب اي ديمقراطية الاجهزة السرية و الغرف المظلمة و اللوبيات هي تجربة انسانية شهدتها مجتمعات كثيرة بعضها ينسب نفسه الى الغرب الحديث (ايطاليا مثلا لا حصرا) ...
القطع مع الحكم التسلطي الذي تكون فيه الدولة محتكرة للعنف الشرعي هو امر ايجابي لان الدولة التسلطية التي تحتكر العنف في اجهزتها قد تكون له سلبياته الكثيرة لما يكون عنفا لا تراقبه قوى المجتمع مما يجعله غالبا عنفا لصالح الطبقة او الفئة الحاكمة ...لكن الوضع في ديمقراطية فوضى القوى يصبح افضع حين يتشتت هذا العنف الشرعي المحتكر بين القوى و اللوبيات و الاحزاب / الاجهزة التي تتناهش قوة الدولة و توظفها باجهزتها السرية .
اكبر المتضررين من ديمقراطية القوى هم المستضعفون و القوى السياسية المدنية العزلاء اي عموم المواطنين امثالنا ممن لا يامنون على انفسهم الا في دولة مدنية علنية يحكمها قانون متعاقد عليه و قوة شرعية لا يستعملها طرف الا لصتالح عموم المواطنين .
ان المعركة التي فتحتها و تواصل فتحها هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد و البراهمي و مواصلة صمت الدولة عن الاجابة الا بكلام عام لا يسمن و لا يغني من جوع سيعمق احساس كل مواطن نزيه باهتزاز ثقته في القانون و الديمقراطية السائدة . كل المبررات التي تقدمها الدولة بدعوى الترفع عن الجدل خارج المحاكم تعمق الشك في مشهد سياسي و مدني تونسي لا تحكمه معايير الصراع السلمي الشفاف فضلا عن شعورنا كمواطنين بالرعب الفعلي من واقع لا يطمئن فيه الا من كان مالكا لقوة انياب و مخالب تضمن سلامته في اجواء " ديمقراطية القوة لا الحق بمعنى القانون العلني الظاهر " .
لقد كنا نفزع و نستغرب من اصوات المعارضة التي وجهت في البرلمان " للدولة " علنا و بلا تحفظ تهم الفساد و انتهاك القانون لتكون اجابات " الدولة " مجرد تلعثمات لم ينجر عنها اثبات التهمة او نفيها و مقاضاة من اطلقها و لكننا الان لا نملك الا رعبا اعظم من اتهام " الدولة " و من يحكم فيها بتهم الاجرام المنظم دون ان نسمع ردا يقنع بالنفي او ادانة من اتهم.
يجب ان تصبح معركة المستضعفين الان من احزاب مدنية فعلا و مواطنين سلميين حقا هو المطالبة بديمقراطية القانون في مواجهة ديمقراطية المخالب و الانياب .ليس من مصلحة الناس الانتقال من تسلطية العنف المحتكر للدولة الى ديمقراطية العنف المتقاسم في الدولة المتشظية .ليست الفوضى خلاقة عند المستضعفين ..انها خراب و عودة الى غاب الاقوى .