اعترف الان دون كبرياء مزعوم انني حزين ومترع بالإحساس باللامعنى وأحسد كل من يعيش او يريد ايهامنا انه يعيش هذا الوضع اللاانساني بطمأنينة وواقعية …
اي معنى الان لكل اللهاث الذي عشناه بحثا عن " الحقيقة " و " الجدوى " و " الوجاهة " بعد هذا العمر الطويل لننتهي الان الى هذا الوضع من " الهشاشة الانسانية " التي تعيش رعبها وقلقها في هذا السجن الاختياري؟ …
هل كان الامر يستحق كل المعارك والهزائم والانتصارات والانكسارات والصراخ والضجيج الذي اكتظت به حياتنا جريا وراء المال والشهوة والسلطة والتطاول في البنيان والتباهي بالذرية والفكرة والقيمة؟ .... هل كان الامر يحتاج كل ذلك الحرص الذي ابديناه في حياة قد تنتهي بموت فجئي غريب وجبان لتقذف بك او باحد احبتك في حفرة تحت جنح الظلام دون مشيعين ولا اذكار ولا طقوس ترافق روحك الى برزخها؟
موجع وبارد هذا الليل الممتد الصامت مثل رداء داكن وانت تستعرض ذكريات حياة صاخبة ومدن حية اصبحت فجأة مثل مقبرة مهجورة ....
لا اعلم ان كانت القصة التي تسعفني بها الذاكرة صحيحة ...قصة شوبنهاور الذي فر من برلين هربا من الطاعون وهو يستهزئ من هيغل الذي أصر على البقاء لإكمال دروسه الفلسفية فأصابه الطاعون ...اذ يقول.. لم يعلم هيغل ان حركة الطاعون ليست بالدقة والموضوعية التي تصورها لحركة العقل وهو يكتب فينومينولوجيا الروح / الذهن / العقل …
حزين وعار انا الان من كل مسوغات الاطمئنان التي راكمتها في هذا العقل العاجز الان عن استحضار تعويذات الاديان ودندنات الفنون وافكار الفلاسفة كي يحاصر قلق الروح .... حزين ...انها الانسانية الهشة المعطوبة وهي تئن تحت الفجيعة وانهيار المعنى …
من هو القاتل يا الاهي هذا الذي يستمتع بموتنا البطيء مثل جلاد خفي في زنزانة الروح ...؟؟