يتم الان الاعداد النفسي للناس للقبول بالدخول النهائي الى سياسة الامر الواقع و القبول بديمومة الاجراءات الاستثنائية تمهيدا لحكم فردي / سيستام يعلق دستور 2014 و يغلق نهائيا المسار الذي بداته البلاد بعد 2011 .
هذا الاعداد يساهم فيه انصار انقلاب 25 و يعمقه من يدعون الاختلاف معه بترويج فكرة شخصية الرئيس و ترويج جو من الاحباط و التسليم باستحالة العودة الى مسار الانتقال الديمقراطي الذي تم تخجيل كل من يدافع عنه .
يجب ان نبحث عن اوراق القوة التي يملكها رئيس الاجراءات الاستثنائية في مواجهة انصار المسار الديمقراطي و الشرعية الدستورية .
تنطلق حركة اجراءات 25 جويلية ( ننتقل الان سياسيا من توصيفها حركة لرئيس الجمهورية الى توصيفها حركة مجاميع سياسية ستظهر مكوناتها باطراد ) من :
1)) ضعف حقيقي كشفت عنه طبقة سياسية ديمقراطية لم تتشكل على امتداد هذه السنوات العشر بعد لعبة الاستقطاب التي اتقن حبك فخاخها قديم نجح في اقصاء و اخراج كل الطبقة و الشخصيات التاريخية التي قادت النضال الديمقراطي و الحقوقي ضد بن علي.
2)) الاستثمار الجيد في الاخطاء الكارثية التي ارتكبتها حركة النهضة منذ استلامها للحكم في 2012 و ما رافق سنتي حكمها مع الترويكا من ارتعاش و ضبابية و غياب مشروع مع حليفين حزبيين لم يقدموا الا كوادر سياسية متسلقة او عديمة التجربة .ثم اتجاه النهضة بين 2014 الى حدود 25 جويلية 2021 الى صياغة تحالفات كارثية بشروط القديم الفاسد و سوء تعاطي مع مشهد سياسي متفجر تحالفت فيه اخيرا الشعبوية و الفاشية و الوظيفية التي استثمرت جيدا في غضب شعبي لبناء مزاج معاد نهائيا لكل قيم الديمقراطية و الحرية و الثورة و مستعد للقبول بأي مغامرة فردية لاستعادة حكم النظام / الدولة القوية و الزاعمة للعدل و مقاومة الفساد و مقايضة الديمقراطية بالإصلاح .
3)) جهوزية نفس المركب السياسي و الاعلامي النوفمبري و اذرعه في الاجهزة و الدولة العميقة. للدفع و الاستثمار في هذه المغامرة الفردية لإعادة اجواء الاستقطاب الايديولوجي ( ضد النهضة ) باعتباره المدخل الطبيعي لاستعادة دولة الرعب المعمم التي صاغت اسسها الحقبة النوفمبرية قبل ان تنحني مؤقتا امام موجة 2011 و التي بدأت سياسة تفتيتها منذ عشية انتخابات اكتوبر مثل حجر اصم كما وصف ذلك بدقة احد نخب الاستئصال و التسلط منهجهم منذ 2012 مع مخرجات الثورة ( سنعود في تدوينة لاحقة الى مكونات المركب النوفمبري الذي استولى نهائيا على الحكم في 1989 و الذي ضم. الجناح الفرانكوماصوني المتشدد للتجمع و من استطاع تجنيدهم من فصائل سياسية من اليسار و القوميين و الاسلاميين ).
4)) الاستثمار في مزاج شعبي و نخبوي محبط من مسار ديمقراطي متعثر و عقيم سيطر عليه المرتعشون و الفاسدون و البدون سيرة سياسية. و نجحت في اختراقه القوى الدولية المتآمرة و المتهافتة على المنطقة .هذا المزاج مع شيء من الخوف الممنهج الذي تمت صناعته بإجراءات تستهدف شخصيات و نواب تم اختيارهم بدقة بحيث لا يمكن ان يحوزوا مساندة من الساحة الحقوقية و السياسية ...هما اهم عاملين لقوة الاجراءات .
هذا المزاج المحبط من مسار سيء السمعة و الخوف المصنوع و الاستعداد الفطري لنخبة جاهزة تاريخيا باستمرار للخضوع ترهيبا و ترغيبا اضافة الى الضعف الديمقراطي و تشتت الطبقة السياسية التاريخية و استعداد الطبقة النوفمبرية بمركباتها المتنوعة السياسية و الايديولوجية و المادية للدعم...كلها عوامل تمنح حركة 25 جويلية كثيرا من اوراق القوة للاستمرار في انتظار نزول الستار الحديدي على البلاد .
لكن ماهي مقومات الضعف لهذه الحركة في مقابل المسار الديمقراطي و الدفاع عن الشرعية ؟ ...هذا نؤجله لمقال اخر .