ايقاف الناشط السياسي خيام التركي هو حدث مهم ولافت للانتباه في سياق سياسي يتسم بالغموض والارتباك والتداخل بين وضع داخلي هش وتأثيرات خارجية غير خافية . اشارة محاميه عبد العزيز الصيد في تصريح خاطف بعدم علمه لحد الان بالجهة الامنية التي تكفلت بالايقاف يوحي بتطورات مثيرة لملف مهم .
خيام التركي كشخصية سياسية ورئيس مركز جسور للدراسات الذي يضم خبراء وباحثين في الشؤون السياسية والاقتصادية من اطياف ومدارس فكرية متنوعة هو ناشط مثير للتساؤلات كلما طرح اسمه .
الرجل غير معروف بشكل كبير الا لدى المهتمين عن قرب بالمطبخ السياسي التونسي . عرف اوائل سنوات الثورة كعضو في حزب التكتل ويظهر اسمه في الكواليس كمرشح وزاري او كرئيس للحكومة في عدد من المنعرجات السياسية .نشر كتابا حول رؤيته لتونس بمناسبة ترشحه لإحدى الدورات الانتخابية ظهر فيه كشخصية حداثية في علاقة دافئة بهوية البلاد وتموقعها الجيوبوليتيكي المعتدل خارج الاستقطابات الايديولوجية والاصطفافات الدولية الفجة .لكن انشغاله بقضية عدلية متعلقة بمساره المهني شهدت اطوار تقاض داخلي وخارجي جعلت حضوره السياسي في المشهد التونسي متقطعا .
انحدار الرجل من عائلة زواج مختلط لأب تونسي اشتغل في الشأن الديبلوماسي جعلت خيام التركي شخصية اقرب الى الثقافة الكونية بالخصوص مع علاقة هادئة بالهوية التونسية ذات الابعاد العربية والاسلامية والمتوسطية وهو ما مكنه من علاقات دافئة مع اغلب العائلات السياسية في البلاد فضلا عن علاقاته الوثيقة مع اغلب دول الجوار التونسي واصدقاء البلاد في الضفة الشمالية .
يشتغل خيام التركي منذ اشهر كما هو معلوم لدى المتابعين القريبين للشأن التونسي على مبادرة لتقريب وجهات النظر السياسية المختلفة في المشهد وهو ما اثار حول شخصيته لغطا وتباينات لم تكن السلطة بعيدة عنه ما جعله يتوقع لأقرب اصدقائه بإمكانية التضييق على نشاطاته .
سيكون من السذاجة ان لا يربط الملاحظون الداخليون والخارجيون ما يروج عن خبر ايقافه بالنشاط والدور السياسي الذي يقوم به وتوجس السلطة من هذا النشاط لكن السؤال المهم فعلا هو : هل دخل فعلا الصراع السياسي بين السلطة ومخالفيها في تونس الى نقطة اللاعودة التي يصبح فيها صراع كسر عظم وعض متبادل للأصابع دون خطوط حمراء ؟
لا احد يستطيع الاجابة عن هذا السؤال، ولكن كثيرا من الغموض والحديث الصامت داخل المطبخ التونسي سيصبح في الافق القريب بصوت مرتفع تذهب فيه الازمة التونسية المركبة الى حلول جذرية بالسلب او بالايجاب فالمراوحة في الجمود المأزوم والصامت لا يخدم اي طرف من اطراف الازمة الداخليين او الخارجيين ...كل ما نرجوه ان يكون هذا الصراع في الحجم الذي تتحمله هشاشة البلاد وجسمها الغض العليل …
وبعد هذا ودونو لا املك طبعا الا التعبير عن التضامن مع خيام كمواطن تونسي وناشط سياسي والوقوف الى جانبه في معاملة قانونية تضمن حقوقه وحريته وسلامته الجسدية ....البلاد ما تستاهلش هالوضعية والله …
ايقاف "الرجل الغامض بسلامتو" كمال لطيف
ايقاف "الرجل الغامض بسلامتو" كمال لطيف (الي بين معقفين عنوان فيلم مصري ) ..منذ عقود كتب ابوعلي ياسين " الثالوث المقدس : الدين والجنس والصراع الطبقي " ..يعني ثلاثة حاجات ما يتحكاش فيهم بوضوح في العالم العربي ...المعتقد والجنس والحياة السياسية ...الاعلام التونسي منذ الثورة اصبح يتكلم في الدين والجنس بكل زواياهما الغامضة والمظلمة بالجرأة اللازمة ...الا السياسة ...يحكي فيها بالوقوف عند الفيترينة / الواجهة …
وهي صراعات عوام السياسة و قياداتها وقواعدها الظاهرة ...اما غرفها الحقيقية المظلمة فلا أحد يحدث عنها عامة الناس من امثالنا ...دور الناشط السياسي الكبير كمال لطيف انموذجا ...نهار تولي السياسة بكل مصارنها مفتوحة قدام الرأي العام توة نخرجو من هالرعب والغموض الي عايشين فيه ...ولينا نعملو في السياسة كأننا نتاجر في الكنترة ...حتى السياسيين لا يكتبو مقالات ولا يعملو تحاليل فكرية للوضع والصراعات المحلية والاقليمية والدولية …
الواحد كي يبدا يكتب في الامور هذه ويميل في راسو باش يفهم صراعات السلطة والمعارضة وحسابات مربعات النفوذ يظهر كأنه بوهالي على نياتو في هالبلاد ...مع ذلك انا نعتبر السياسة وصراعات القوة والنفوذ فيها شأن بشري مواطني لا هي من عالم المقدس ولا من عالم المدنس وكي نحب نعملها اقول ما افعله وما افكر فيه ...اقوله للناس علنا في مقالات وتدوينات وخطابات ...من اساند ومن اعارض وما اريده لوطني ...السياسة يلزم تولي شأن مواطني نبيل مش سحر وشعوذات وغرف مغلقة …