تمر اليوم على رئيس مجلس النواب الشرعي مائة يوم في معتقله بالمرناقية ومازالت سلطة الرئيس قيس سعيد تتوغل في رمال ازمتها المالية ونقص المواد الاساسية وتعثر خدمات الدولة لمواطنيها في توفير الخبز والماء والكهرباء .
لم يتوقع كثير من المتابعين التونسيين ان يدفع الرئيس قيس سعيد بورقة مقايضته الاخيرة الى طاولة الملاعبة العسيرة بين اللاعب الوطني واللاعب الدولي ولكنه القى بها في سياق اشتداد مأزقه في ربيع الصيام الفارط رغبة منه في خلط الاوراق والضغط على الفاعل الدولي واعلان الاستعداد الى قلب كل الطاولة وافساد كل ما يدبر من وراء ظهره .
كان اختيار التوقيت جيدا فقد كان العثماني الجديد يواجه معركة صعبة كانت ستنهي دوره في مسك ملفات اللاعب الدولي في المنطقة ومنها ملف " اخيه " كما ان جبهة الخلاص تعيش اعسر مراحلها بعد ايقاف عدد من قياداتها واصدقائها في مبادرة لم تكن هي المحددة في مضمونها وتوقيتها ومزاجها والاهم من ذلك ان الغنوشي كان يتألم بعد ايقاف الرجلين الاساسيين في فريقه القيادي واضطرار اخرين للمغادرة او تخفيض الحضور او " السقوف " فضلا عن بعض الارتباك في الرسائل التي كان يوجهها ولعل افدحها رسالة الكعكة في سفارة اللاعب الايراني .
لكن المقادير السياسية كانت تخطط لجعل الضارة نافعة حيث كانت عملية الايقاف ضربة سيف في ماء اذ لم تثر اكثر من غضب دولي لم تعقبه هرولة لل"فدية " ولم تسل لعاب خلجان سبق ان رصدوا لهذا الصيد منحة لكن ذلك كان في سياقات مختلفة انتهت منذ رفض ذلك الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي ومنذ جرت مياه كثيرة في نهر العلاقات الدولية في المشرق العربي وفي مياه المتوسط ومضيقات المحيطات فضلا عن كونها كانت مطلوبة في صيف 2021 لتصبح الان عبئا اكثر منها ورقة ملاعبة مجزية .
بعد مائة يوم في معتقله يحسم شيخ مونبليزير امره : انا هنا بقرار سياسي ولن اغادر الا بمثله ...وبعد مائة يوم تسأل الدولة مسارها : وماذا بعد ؟ وبعد مائة يوم تخفت معارك كثيرة في محيط اسطمبول و" سلطانها" ويتجه مشرق العالم الاسلامي والعربي ومغربه الى ترتيبات تبتعد شيئا فشيئا عن الاستقطابات المطلوبة التي تجعل مصير "الخوانجية وشيخهم " ورقا ( عملة ) يمكن ان يصرفه ساكنة كهف 25 في مدينة المانحين ليأتي برزق وطعام .
قبل ان تنتهي المائة ذهبت سيدة النواب في عريضتها لتحل حركة " الاخوان " لكنها توقفت في عقبة 56 امضاء لتتوقف عملية اخرى لم يعد منها جدوى ...لا تقرا النائبة جيدا ان اسماء قالت لابنها عبدالله ابن الزبير حين اراد الانسحاب و خشي المثلة من خصمه الاموي : يا بني وهل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها ....لكن النائبة اصلا لا تقرا فهي تريد سلخ شاة لم تذبح ولكن شبه لها ....
لم تقلب الطاولة ومازالت الملاعبة فليجمع كل اوراقه ...فريش و جرية اخرى ....وان كان الوقت لن يرحم …
كان واضحا منذ ان تم الايعاز للشيخ الثمانيني في ليل 25 جويلية 2021 بمغادرة باب قصر باردو وارجاع انصاره الى بيوتهم ولزوم "مونبليزيره" ان " اللاعب الدولي " مع "عقل الدولة " سيستلم " الصراع " بعد 25 ليسيجه بسقوف وخطوط ليذهب " المسار " بفاعليه وخصومه " وظيفيا " الى ما يجب من ترتيبات عجز عنها لاعبو العشرية ولكن مسار هذه الترتيبات الموجعة لن يعصف بالمقومات الكبرى التي جاء من اجل وضعها الشتاء الساخن في 2011 والذي اخذ لنفسه تسمية " الربيع" بماهو انهاء عهود الاستبداد واستئصاليته البغيضة لأهم التيارات السياسية والفكرية التي قد يتم اعادة تشكيلها ان لزم الامر لا اكثر من ذلك ولا أقل .