اتفاق المبادئ الذي امضي بين الحكومة و المنظمة الشغيلة خطوة مهمة و معقولة و رسالة ايجابية للمانح الدولي بضمان الاتحاد للذهاب نحو الاصلاحات المطلوبة لاستمرار قدر من الاسناد لبلد يعاني مأزقا اقتصاديا جديا و يتهدده انقسام سياسي مخيف .
الاتحاد بقيادة نورالدين الطبوبي بذل جهدا واضحا عبر فصل المسارات و وصلها للذهاب تلى تسويات مؤقتة تبعد البلد نسبيا عن حافة الهاوية و من المتوقع حسب مصادر مطلعة ان يطير نورالدين الطبوبي بنفسه و قد يكون في وفد مشترك للتفاوض حول دعم و اتفاقات تنقذ الى حد ما التوازنات المالية و الاقتصادية.
الحوار الشامل الاقتصادي و السياسي قد ينطلق قريبا بصيغ مرنة تأخذ بالاعتبار حدة الخلافات و تعمق القطيعة بين الفرقاء و قد يتم " التحايل " على صيغ الالتقاء بما لا يحرج الخصوم و لا يعطل التسوية .
اقتناع رئيس الجمهورية بحتمية الحوار و اجتناب العزلة لا يمنع من استمرار التردد في قرطاج .تردد مشوب بالتوجس و الخشية من الظهور بمظهر الرضوخ للإكراهات و قبول ما تم رفضه سابقا باسم " القيم " و " المبادئ " و لكن بالإمكان استعمال " الصادقين " الذين تقرر الرئاسة منحهم هذه الصفة لإدارة الحوار و تمثيل الرئاسة للجلوس مع " الكاذبين " دون التلوث " بإثمهم " عملا بمقولة و " اجتنبوه " اي أجلسوا وسيطا بجانبهم …
الامين العام للاتحاد يريد ان يبدا بإذابة الجليد بين اكبر كتلتين في الحزام الحكومي و المعارضة اي النهضة و الكتلة الديمقراطية عبر تدشين الحلقة الاولى للحوار بينهما و لكن يبدو ان هذه الفكرة لن تمر بهذه الصيغة لتجنب احساس باقي الكتل بالإقصاء .
نقاط الخلاف مازالت كبيرة و لا يبدو ان التسوية السياسية النهائية قريبة ما يعني استمرار المناورات لأشهر اخرى رغم قبول الجميع مرغمين بترك مسار التسوية الاقتصادية يأخذ طريقه .
الحوار السياسي لن يكون جديا قبل اعلان واضح من رئيس الجمهورية بقبوله و تحديد افاقه على قاعدة التسوية الشاملة و لن تتوضح نية رئيس الجمهورية من القبول بالتسوية او رفضها الا بتوضح موقفه من امضاء تعديل قانون المحكمة الدستورية من عدمه .
الموقف من استقرار الرئاستين في القصبة و باردو تبدو محل خلاف جذري بين الفرقاء . اذ بالرغم من ان معركة سحب الثقة من الغنوشي بدأت تتراجع الا ان الرغبة في فرض اقالة المشيشي مازالت تراود رئيس الجمهورية و الكتلة الديمقراطية رغم رفض الوسادة الحكومية لهذا الخيار و توثق العلاقة المتبادلة بين " قلب " و " النهضة " فضلا عن "الانتصارات" التي حققها المشيشي و اضافها كاوراق تثبت مكانته داخليا و خارجيا .
الوضع الداخلي شعبيا و السياق الخارجي اقليميا و دوليا يدفع فرقاء الصراع الى قبول نسبي بالتسويات وهي " كره لهم " و لكن لا افق لتسويات كاملة و نهائية اذ مازال هناك "امل كبير " لرئيس الجمهورية و حلفائه بامكانية نجاح " "الخيار الصفري " عبر اسلوب التعفين و الانهاك الاقتصادي لتسقط " المنظومة برمتها " لينبثق " عصر الجماهير " فضلا عن الخلافات التي توجد داخل كل الاحزاب بين الاجنحة و خياراتها المتعددة من النهضة الى الديمقراطية و ما بينهما من كتل تعج بالتباينات و وجهات النظر المختلفة .
لا تسوية نهائية طبعا الا بالاحتكام مجددا الى الصندوق بعد ان اضمحلت كل مخرجات 2019 و لكن لا سبيل الى انتخابات مبكرة قبل انقاذ اقتصادي عاجل و تحويرات جذرية في القوانين المنظمة للعبة السياسية ….مسار ضروري يكره الجميع على القبول به …و ان منكم الا واردها ….