لا نتفق مع من يفسر عودة تسلطية الدولة / النظام بالانقسام السياسي ما يؤدي الى ولادة هذا المفهوم العاطفي الغائم "وحدة المعارضة" .
لا وجود لهذا المفهوم التعميمي المسمى "المعارضة"...هناك قوى تقدمية انحازت لمسار التاريخ التقدمي المتمثل في ثورة 14/17 ومسار الانتقال الديمقراطي ومكسبه الرئيسي دستور 2014 وهذه القوى ضمت الاسلاميين الديمقراطيين واليسار الديمقراطي والليبيراليين الوطنيين وهناك قوى رجعية محافظة ضمت اليسار الوظيفي النوفمبري والجناح الفاشي للقديم والاستئصاليين اليعاقبة ممن تامروا على الديمقراطية وعملوا على ترذيلها بالتنكر تحت قناع مقاومة النهضة وادعاء نصرة الدولة المدنية (اقرأها النظام القديم ) .
استعادة الديمقراطية وايقاف عودة التسلطية مهمة تاريخية تقتضي اعادة بناء الطبقة السياسية ( القوى التقدمية التي سميناها اعلاه ) و التي انتصرت بالانتقال الديمقراطي ( وله ) وفشلت في العشرية الماضية في صياغة التأليف الضروري بين الديمقراطية والتنمية والعدالة واستقلال القرار الوطني وعجزت عن تعبئة الشعب التونسي حول مشروع وطني اصلاحي كبير وجريء لتفكيك منظومة الفساد ولبرلة الاقتصاد ومحاصرة شبكات النفوذ التقليدي للدولة الزبائنية من الاعلام التابع اليسراوي التجمعي الفاشي الى المجتمعين المدني والسياسي الوظيفيين وصولا الى الحد من نفوذ القوى الاجنبية المعروفة بمضاددتها للثورة الديمقراطية الوطنية .
يجب تحويل محنة التجريف العنيف الذي يمارسه 25 الى منحة وطنية لبناء القوة الوطنية الديمقراطية الحقيقية بعيدا عن الخضوع الى ابتزاز ما يسمى بالحوزات التقليدية للحداثة التابعة والديمقراطية المشبوهة .لم يعد هناك ضرورة للتسويات الرخوة وسط هذا المجال المائع المسمى "معارضة" فقد مكنت سنتان من الفرز وعشر سنوات من الصراع مع الوظيفيين من تحديد مجالات التأسيس الحقيقي للديمقراطية القوية والاصيلة بعيدا عن الاقليات المتمترسة بمربعات نفوذ النظم الافلة .