الحوار في شكل العودة الى الشرعية دون غالب و لا مغلوب
على المستوى الفردي لست معنيا بحديث التسويات و تدوير الزوايا فقد وصلت الى قناعة فكرية و سياسية اعتبر فيها اني اكتشف خرابا قيميا لدى قطاع واسع مما يسمى بالنخب السياسية و اعتبر ان الثقافة الديمقراطية في البلاد منعدمة الا لدى طيف قليل ممن تشبع بها بعد عقود من نضاله ضد الاستبداد و اقتنعت على المستوى الشخصي ان اعادة بناء المجال السياسي و الوعي العام على قاعدة اخلاقية هي رفض الانقلابات و تعلم الاحتكام للعقود و الالتزامات و الانتخابات هي الان مهمة النخبة الاقلية التي تصدت للانقلاب دون ادنى علاقة مع من باركه .
لكن في هذه اللحظة الفارقة التي يتهدد فيها السلم الاهلي و بعد المأزق الاخلاقي و القانوني و السياسي الذي تتخبط فيه حركة الرئيس يوم 25 جويلية بعد الجهد الخارق لكبار الحركة الديمقراطية في الداخل و انصار الحرية في الخارج يهمني ان ادعو " صناع الفتن " و دعاة التصعيد الحاملين للواء الادعاء تمثيل الرئيس و المتعطشين " للاجهاز " على خصومهم بعصا الرئيس و بالغرائز الشعبوية المنفلتة ...ادعوهم الى الكف عن تزيين سيناريو الهروب الى الامام للرئيس كما ادعو المتلعثمين و الجالسين بين كرسيين ممن يخافون الوصم بالنهضاوية او غيرها فتنعقد السنتهم ..ادعوهم الى رفع الصوت ...كي يقتنع الرئيس بالذهاب الى نقطة الوسط المفروضة اليوم بكل الحسابات الاخلاقية و السياسية ...تعيين رئيس حكومة تنال ثقتها من البرلمان و تنطلق في عملها تحت لواء الشرعية الدستورية و دولة القانون لمواجهة الجائحة و انقاذ الاقتصاد ...و بعد ذلك يكون لدينا الوقت للحوار حول كل النقاط الخلافية و تحميل المسؤوليات في تعطل الانتقال و انكسار الثورة و افق البناء الجديد. و اعادة بناء مشهد سياسي اخر غير مشهد الرثاثة قبل 25 …
كل دعوة الى غير هذا الافق ليست سوى تأبيد لحالة الانقسام السياسي و الاهلي و اضفاء اجواء الرعب و الغموض و تأبيد فرض الامر الواقع. عبر ثقافة الاستبداد الشعبوي التي ستعصف بالجميع و ترسيخ لانتهازية الانحياز النخبوي للواقف …
الانقلاب فقد شرعيته الاخلاقية و السياسية و القانونية، حتى لو وقف معه الاف الصارخين و امتلك كل مقومات القوة العارية ...و الاستمرار في عدم تلقف رسائل التسوية و استمرار البعض في تحريض الرئيس سيجعل تونس ضحية ستار حديدي يلفها من كل جهاتها لتذهب الى مجهول خيارات لن يكون فيها شريكا حتى المحرضون .