في " معضلة الموقف من النهضة " كتزييف للصراع والتصنيف…
تقييمي انا و كثير من الاصدقاء للخط السياسي لحركة النهضة في خصوص العلاقة مع الخيار الثوري و القراءة الاستراتيجية لتحولات المنطقة و انزياحها في خطها السائد عما قدمته حشود 14/ 17 ..هذا التقييم كتبنا فيه على امتداد حكم الترويكا و في خماسية التوافق 19/ 14 بنبرة و مضمون جذري في العمق اتحدى ان يكون قد بلغه من يزعم معارضتها اليوم ....في المسألة الفكرية و نقد بعض النزوعات المحافظة داخلها هذا هو جوهر ما نشأنا عليه في تيار التجديد الفكري الذي انتمينا اليه منذ شبابنا و كنا عبره في الضفة المقابلة لها بدون تردد .....نصوصنا و مقالاتنا ورقيا و الكترونيا شاهد على ما قلناه و من ينكر ذلك فهو كسول مطالعة او بعض كذابين لا يملكون في المناكفة الا الانكار الكاذب …
لكن ... وما اجمل هذه اللكن ... يستحيل ان نكون في صف كائنات سياسية نعرف فاشية بعضها من قديم الزمان ونكتشف شعبوية ووظيفية بعضها الاخر فضلا عن خوائهم المعرفي وهي كائنات تمثل خطرا على انتقال نسميه ديمقراطيا رغم انف المشككين في ديمقراطيته..
لكن وما اجمل هذه اللكن ...يستحيل ان ننكر على هذه النهضة العميقة والمركبة كحركة كبيرة انها تجهد نفسها باستمرار على التطور والانخراط في هموم شعبها و ان غالبية قواعدها و قياداتها من الشرفاء و المثقفين و الوطنيين و ابناء المستضعفين مثلنا و من اولاد و بنات الشعب الذين نلتقي و سنظل نلتقي معهم دوما و دون خجل في نفس جبهة العمل من اجل تونس الديمقراطية و العادلة في مواجهة من يهددون سيرها الحثيث نحو مرساها..
لكن وما اجمل هذه اللكن ...لا أحد من هؤلاء الفاشيين والوظيفيين القدامى والجدد يصلح لا فكريا ولا سياسيا ان يكون مرجعا او استاذا لنا في الديمقراطية او الحداثة او الوطنية ليمنح لهذا الطرف او ذاك صكا فيها فنصطف الى جانبه ويقرر لنا من نخرجه منها فندمن معاداته ...التاريخ والوقائع اكدت لنا ان توافه كثر وحقراء اكثر هم اخر من يمكن ان نهتم برايهم فينا او برايهم في تصنيف الاحزاب والحركات او ان نهتم بما يحددونه لنا من مواضيع لنكتب فيها او من خصوم ندمن على مواجهتهم …
ليس اخطر على الفكر السياسي والسياسة من هؤلاء الاميين الذين لم يفتحوا في حياتهم كتابا واحدا في مجال السرديات الكبرى للفكر العربي و اصبحوا اليوم يفتون في " الاخوان " والديمقراطية والحداثة والتنوير ويصنفون على ضوئها المشهد السياسي ويحددون المعارك التي لا تتجاوز في اذهانهم الصغيرة ابتزازات تافهة في قسمة سياسية لينالوا بها تموقعا دون ان يعنيهم ما لا يعرفونه اصلا في مجال الفكر والايديولوجيا.
نعرف تماما اين نختلف مع النهضة و اين نلتقي معها تماما مثلما نعرف كيف نصنف الاشخاص و القيادات و نميز بينهم فيها و في غيرها من الاحزاب…و نعرف جيدا كل تفاصيل المشهد السياسي التعيس الذي تردينا فيه بعد ان غزاه الاميون و كسالى الذهن لتصبح سياسة بلا فكر سياسي تماما مثل سياسيين بدون سيرة سياسية …لكن ما اعرفه اكثر ان وقتا قريبا سيأتي سوف يحسن الناس فيه اختياراتهم الانتخابية القادمة حتى تعود لنا السياسة الحقيقية العالمة التي ينتجها فكر مثقفين عارفين متعلمين لا ثرثرات " فرارات" صنعتهم الماكينات في عصر الثرثرة بلا دفع ثمن ….