الديمقراطية هي أقل الأنظمة السياسية سوء في ادارة صراعات الجماعات. والعقود الاجتماعية والمواثيق والدساتير المكتوبة هي حيلة العقل البشري للحد من ذئبية هذا الكائن الشرير الذي اسمه الانسان حسب توماس هوبس او للحفاظ على طبيعته الخيرة حسب روسو .
لم تبدع البشرية لحد الان نظاما اخر غير الديمقراطية التمثيلية التي تطور نفسها وتتجاوز عيوبها باطراد لتضمن حياة قائمة على السلم والامن بين الناس في مجتمع المدنية بديلا عن حياة الغاب .
كل التجارب المعاصرة أكدت ان ديمقراطية بعيوب يتم اصلاحها خير من تفرد بالحكم يسحل الناس بنزوات الفرد والزعيم وحشوده المنفلتة وان تنكر بالمبادئ السامية الكاذبة مثل الوطنية، والقومية، والشعبية، والاشتراكية .
تاريخ العرب مع الاستبداد مرعب في النصف الثاني من القرن العشرين في ما سمي بدول الاستقلال المدنية ملكية كانت او جمهورية او عسكرتارية استولت على الحكم باسم مقاومة الملكيات الفاسدة او الجمهوريات العميلة وباسم الشعب و نصرة فلسطين .
ابشع روايات كتبها كبار الروائيين العرب عن المعتقلات والتعذيب هي التي كتبت عن النظم العسكرية التي حكمت باسم الشعوب والامة بعثية وناصرية واشتراكية شيوعية في اليمن السعيد ...لماذا ؟ لأن جمهوريات وملكيات العمالة هي بطبعها منبوذة من شعوبها وبالتالي فان عيوبها وجرائمها طبيعية و مستنكرة من عموم الناس لكن نظم العسكرتاريا الحاكمة باسم الوطنية والقومية تحشد جزءا من الرعاع لممارسة السحل باسم الناس وباسم القضية .
سجن العقرب والقلعة ولمان طرة وتدمر وابوغريب و بوسليم هي اكثر ارعابا في الوجدان العربي الروائي من برج الرومي وتزمامرت لأن الاخيرين سجنان لنظم " عميلة " والاولى سجون نظم " وطنية تغتصب زائرها باسم الامة " وابشع اغتصاب هو ان يمارسه حشود من الهوكش بقيادة ضباط مخابرات من ابناء " القضية " على جزء من الشعب مثقفين ومفكرين و سياسيين " خونة " في اذاعة نظام الشعب " الثائر " .تلك كانت المرارة الناضحة من اقلام مفكرين ومثقفين وساسة وشعراء وروائيين يسحلون باسم " الامة والشعب " .
في حفلة السحل الشعبي للطلبة اواسط السبعينات كان القذافي يأمر الاب او العم او الخال بشنق ابنه الخائن لتعبر القبيلة عن ولائها لمسيرة حكم الشعب .و في قاعة الخلد كان صدام يصدر احكامه وفي يده سيقار وفي عينيه دموع شفقة ثورية على رفاق الدرب "الخونة" وفي "عدن الثوار" كان سقط المتاع الثوري من الجهلة الذين لا يفكون الحرف يطبقون تعاليم المادية الجدلية على دكاترة الجامعات بالخوازيق... تماما مثلما يمارس بديدة وفاطمة المسدي "تصحيح المسار الثوري" على القضاة الفاسدين والطبوبي .
تلك هي الحكاية يا قادة الخط الثالث و مشروع 25 جويلية فلنشرب على نخبكم خيباتنا فيكم .