من العسير بل من المستحيل بل من اللااخلاقي ان نقيم غضب الضحايا على بن علي في ذكرى وفاته.. نحن الذين لم ينلنا من بن علي الا بونية في مظاهرة او تطريدة من قدام مقر حزب البي دي بي او الرابطة او وصم وملاحقة لأنفاسنا كمعارضين...لا عرفنا عذاب معتقلات ولا تدمير حياة عائلية ولا اغتصاب قريبات ولا حرمان من العمل …
محرقة الاسلاميين المنتظمين في النهضة او المتهمين بها او المحمولين على القرابة الدموية لضحاياها لم يمارسها اي نظام عربي في التسعينات كما فعلها نظام بن علي ...
مسار العدالة الانتقالية الذي دافعنا عنه في مواجهة خصومه ووقفنا مع رئيسته ونحن نعرف نواقصه كان فاشلا وفوت على البلاد فرصة تطهير الجراح ثم بلسمتها ....
بروح المعارض الاصلاحي وعقله البارد قد اكون أكثر ميلا الى النسيان والمصالحة الباردة ...لكنني لا املك جرأة تقييم استمرار " حقد ضحايا "وفيهم من لم تكن معاناته مقابل " معارضة " لبن علي بل كان كثير منهم اداة لتخويف المجتمع من السياسة فقط يعني كان فقط جسدا مارس عليه الجلاد رسائله للمعارضة …
لا الوم ضحايا كانوا فعلا عناوين شهادة على هولوكوست لا ينقص من خجلنا منه الا اننا نددنا به وكتبنا في مواجهته وقتها وحاولنا بما سمح به الحد الادنى من شجاعة ان نتصدى له ...ولعل كثيرا من خجلنا اليوم على الايغال في نقد " النهضة " بعد الثورة هو استحضار هذا الهولوكوست والخجل من التشبه بنفس قوادة الامس الذين ترتفع اليوم اصواتهم بنفس الخطاب الاستئصالي بعد ان منحتهم الثورة نفس المكانة مع مناضلي عهود الاستبداد …
كان حدا أدني من شجاعة لا فخر فيها الا لأنها كانت حدا أدني من شجاعة بحد أدني من الضرائب في مواجهة جبن وخساسة ازلام وقوادة وعار تواطؤ وظيفيين ....