بعيدا عن تخميرة الصادقين وشعول المخططين الوظائفيين
بسيكون انهيار امل التونسيين مرة ثانية في الاصلاح والانجاز وتفكيك منظومة العائلات المافيوزية دفعا الى ارتفاع نسبة الشعبوية وارتفاع بورصة الفارغين سياسيا ولن يكون في الامر لا اطمئنان للمستثمرين واصحاب المال الوطني ولا انتصار للإصلاح المهدئ للشعب …
كانت الخيبة الاولى بعد 2012 إثر الفشل الذريع للترويكا وعودة المنظومة القديمة الى ادارة اللعبة بشروطها فرصة لصعود التافهين كما عرفهم الفيلسوف دنو في كتابه الشهير بالضبط ...وهو ما رفع من منسوب الفساد "الرديء" وتوسع طبقة " الاثرياء الجدد الحفتريش" وانخفاض مصداقية البلاد في المحافل المالية الدولية فخسر الشعب والرأسمال الوطني في نفس الوقت …
في نفس السياق يبدو " فرح بعضى الثورجيين " الساذج بإمكانية سقوط مخرجات انتخابات 2019 فرحا غريبا لأنه لن يصب ابدا في مصلحة الاحزاب المشاركة في الحكومة والتي ينسبها اتباعها للثورة ويتصورون ان عور عين واحدة لحزبهم سيؤدي الى عور عينين للحزب الشريك كما لن يصب في مصلحة من يتصور نفسه البديل الثوري لهذه الاحزاب …
إذا تبين عجز قيس سعيد وحكومة التحالف الحالي عن تحقيق انتظارات الناس فان التراجع سيكون لكل الاحزاب ولكل الثوريين اذ سترتفع نسبة الشعبوية الخاوية التي ستجعل الانتخابات القادمة من نصيب النكرات التي سترفع من قيمتها اموال مشبوهة وتدخلات قوى خارجية تنجح في جرف الساحة السياسية من طبقتها السياسية المعروفة تاريخيا بهوياتها الايديولوجية وسيرها المعلومة لتصبح ساحة " للجدد المجهولين " الذين اشتهروا مباشرة بعد 14 جانفي دون ان يعرف لهم أحد نسب سياسي معلوم..
أخطر الاطروحات التي احترز منها دائما هي تلك الاطروحات التي تبالغ في ضرب الاحزاب وأكثر ما اخاف منه تلك الدعوة المهووسة الى " الجديد " فمن اللاحزبية والجديد الذي لا يسأل عن تاريخه يدخل صنائع ومنتجات المخابرات واموال الفساد...الحراكات الشعبية التي اصبحت تندلع في عالمنا العربي بلا قيادات سياسية معلومة تحت شعار " كلن " والتي يحتفل بمدحها كثير من الغاضبين الصادقين على الحزبية التقليدية ليست دائما حراكات "شعبية" ...من أنتم؟ أنتم مين؟ ...هو سؤال شرعي في عصر صناعة الاحداث وليس من الجيد دائما مجاملة الموجة الشعبوية …
حتى القديم الذي يسعد حاليا بانهيار انتظارات ناخبي 2019 يبدو فرحه وهميا فلن ينال خراج هذا الانهيار الا أبشع بقاياه ولن تذهب البلاد ابدا الى تسويتها التاريخية التي تطمئن هذا القديم وفي غياب الاستقرار يبقى كف العفريت منذرا بالصدام الذي لا يريح احدا …