ليس هناك طريق اخر في اظهار طبيعة الصراع السياسي في هذه العشرية و اقصاه انقلاب 25 جويلية بين ثورة الحرية وانتقالها الديمقراطي و المضادة وعنوانها الاستبدادي القديم الا بحسم الفرز الراهن كما فعلنا منذ ليلة 25 على قاعدة ثنائية انقلاب / ديمقراطية كما حسمنا الامر في صراع 2013/ 2012 واقصاه جبهة الروز / الشرعية على قاعدة ثورة / ثورة مضادة وكما فعلنا بينهما اثناء تحليلنا لمعركة برلمان 2019 حين فصلنا الدفاع عن الديمقراطية تحت سقفها عن كاراكوز العبث الوظيفي والفاشي المتحالف مع الشعبوية المنتظرة لفرصة الانقلاب فاقتنصتها .
وحده هذا الحسم يمنح الصراع السياسي وضوحه بوضع الجديد الديمقراطي في مواجهة القديم المتلعثم على قاعدة ثورة / سيستام ليكون الحوار / الصراع بينهما وجها لوجه و تكون التسويات حاسمة بلا قوى وظيفية او فاشية تشوش هذه المواجهة و تخلط موازين القوة فيه وتضعه في المنطقة الرمادية التي تستغلها القوى الوظيفية او الشعبوية التي تحاول ان تأكل من قصعة الجديد و تصلي وراء القديم على قاعدة ان الصلاة مع علي اقوم والاكل من قصعة معاوية أدسم فتستمر المغالطات والتسويات المغشوشة وابتزاز السيستام للثورة والديمقراطية.
عندما نتأمل مكونات قصر الضيافة المتراوحة من كسور يسراوية وقومية وحتى اسلامية وصولا الى تجمع و قديم فاشي ندرك تماما ان الحضور ليسوا اكثر من واجهة يتوارى خلفها السيستام الذي سينجز كل المخرجات ليكون الجميع ادوات تسويغ واخراج لما يريده السيستام باعتباره القوة الحقيقية وراء انقلاب 25 .
وحين نتأمل فسطاط مناهضة الانقلاب الذي بدأ يدخله ادعياء الانتصار ل25 دون قيس ومشروعه وممارساته وصولا الى الفاشية نفسها ندرك ايضا ان السيستام يتوارى ايضا في هذا الفسطاط متربصا لصناعة سيناريوهات تجاوز نفسه بانقلاب على انقلابه اذا فشل 25 في صورته القيسية حتى لا يكون شارع مواطنون ضد الانقلاب هو مقابله .
لا تحتاج تونس لتجاوز ازمتها السياسية الدورية المعطلة للانتقال الديمقراطي( الذي لا يستطيع السيستام قتله رغم انه كانتقال ظل يترنح امامه في توازن ضعف بينهما يقتات منه الوظيفيون ) الا بمواجهة حقيقية بين السيستام والديمقراطية تنتهي الى التسوية التاريخية بينهما نهائيا على قاعدة قديم/ سيستام يقبل الديمقراطية وجديد تطور و اكتسب تجربة المنازلات الكبرى لحماية الديمقراطية .
السيستام ( الانقلاب ) والشارع الديمقراطي للمواطنين والمواطنات ضد الانقلاب هذان هما الخطان الحقيقيان في البلاد لا ثالث لهما الا وظيفيات متلعثمة وفاشية متقاطعة معها يضعون انفسهم باستمرار على الذمة مرة مع الاستبداد ومرة بميغافون الديمقراطية او الشعبويات المتسربة التي تزعم الانتصار للشعب والارادة الوطنية وكلها برعاية مستعمر قديم يريد ان يلعب باستمرار في مناطق رمادية في البلاد…خطان لا ثالث لهما ولا مستقبل للبلاد الا بتسوية فرسان بينهما .