تطورات العلاقة بين مصر و تركيا تؤكد ان المصالح لا المبادئ المجردة هي التي تحدد الحراك الحالي حولنا ..هذا الامر يتطلب وقفة تأمل ممن يعتبرون أنفسهم فاعلين سياسيين تونسيين يتصارعون منذ 2011 و يحشدون اتباعهم على قاعدة ثوابت ايديولوجية لم يعد الواقع معنيا بها …
أنصار السيسي الذين اعتبروه انقاذا لمصر من " الاخوان " و اشتغلوا على سردية تركيا الاخوانية و في مقابلهم أنصار الاسلاميين الذين اعتبروا تركيا اقليما قاعدة للإسلام " الكفاحي " و "الديمقراطي" و المنتصر للثورات و المعادي جذريا للانقلاب على الاخوان في مصر ...
هذان الفسطاطان محتاجان اليوم الى تنسيب المواقف حين يتعلق الامر بقراءة و استيراد الصراعات الدولية و الاقليمية و لعل الطبقة السياسية التونسية ستكون بكل اطيافها محتاجة الى حقنة أكبر من الواقعية و التفكير البراغماتي في مصلحة تونس بعيدا عن اوهام ايديولوجية مجردة لم يعد لها مكان في تحديد الاصطفافات الدولية .
مع ذلك لابد من القول ان مقولة المصالح قبل المبادئ ليست دائما هي المحركة لما نراه من صراعات في المنطقة اذ يجب الاعتراف ان حفظ المصالح احيانا يساعد أكثر على خدمة المبادئ او الدفع بها في تسويات المصالح و لكن يجب الاعتراف ايضا ان هناك دول او قوى في المنطقة و خصوصا في صراعها مع العدو الرئيسي المعروف قد اعتمدت في الغالب اولوية المبادئ على المصالح لكنها على كل حال ليست تركيا و لا مصر و لا غيرها .
و ليس مطلوبا اصلا من تونس ان تكون من بينها فبلدنا صغير و محدود الامكانيات و ليس قادرا على تحمل ضريبة الاخلاص الرومانسي للمبادئ و لا الاخلاص الوهمي للايديولوجيات ....في كلمة ..تونس محتاجة تعيش و تربي الريش و اكهو ...يزي من لعب الذري .