ما قالته الفنانة المصرية شيرين حول سحر الركح الأثري في ضاحيتنا الشمالية أوحى لي باقتراح دعوة سلطة قرطاج القصر لتحويل قرطاج المسرح الى مركز علاج/ تيرابي جماعي لتونس المخنوقة بعد عشرية مرهقة …
لماذا لا يتم فتح الركح لمدة شهر كامل ليصعد فوقه في سهرات متتالية كل الطيف السياسي وانصارهم في الحكم والمعارضة وبحضور كل الشعب التونسي من كل جهات البلاد عبر رحلات منظمة في حفلات علاج مشتركة ننهي فيه مع ندوب وجراح الكآبة و اليأس وانعدام الافق والخوف من المستقبل وهي الان مشاعر مشتركة بين اغلب التونسيين لم تنتج غير العنف المعنوي المتبادل بين الجميع .
منذ انقلاب 25 جويلية خرجت البلاد من مخاطر انتقال ديمقراطي مؤذن بانهيار الدولة الى أزمة "انخناق " مؤذنة بموت محقق للجميع :
سلطة انقلابية تشتغل عبر "مقاربة صفرية " للازمة تقوم على اعتبار الحل في افناء كل المخالفين واعتبارهم مجرد " اعداء وفاسدين " لا حل الا بابادتهم على بكرة أبيهم .لكن اكراهات محلية ودولية تقف حاجزا امام هذا الحل " الصفري " وهو ما عمق ازمة " نفسية " لسلطة لا تستطيع ان تمارس براحة رغباتها النيرونية مما يعمق توترها الهستيري الذي لا يملك حاليا اي اداة " تنفيس" غير استعمال اجهزة الدولة في الانتقام العبثي : محاكمات ..عزل ..منع من السفر ..امعان في المرور بقوة ...دون مسوغات عقلية او قانونية وهو ما لا يبقي امامها غير الخطاب المتوتر والمعمق للعصاب الجماعي لشعب تونس المخنوقة .
في المقابل تواصل " معارضة " السلطة القائمة رفضها للأمر الواقع ورغبتها في تغييره ولكنها بدورها تقع في مقاربة "الصراع الصفري " التي تمنعها من الالتئام و الالتقاء على مشترك الديمقراطية والبديل الوطني المشترك وهو ما يمنعها بالنتيجة من تملك مقومات القوة وهي الوحدة والقدرة على تعبئة عموم الشعب التونسي لمعادلة القوة امام سلطة انقلاب تدعمها اجهزة الدولة من جهة و حياد الشعب من جهة اخرى وما تدعيه القوى الدولية من غياب البديل من جهة ثالثة ...وضع الضعف هذا يعمق الاحباط لدى المعارضة ومقاومة الانقلاب فتنزوي هي بدورها في حالة " حبسة هستيرية " تعمق مرضها وتعيق انطلاق لسان خطابها وفعلها الايجابي وتمنعها من الاستثمار الجيد في طاقاتها .
وبين سلطة مهووسة ببانوريتها المرضية ومعارضة تائهة بذهان عجزها يقف " شعب مختنق " هو ايضا مثل غزال شارد على حافة جبل يطل على هاوية لا يعرف اين يتجه ومن ورائه ذئاب مفترسة تتربص به . وهو ما يعمق ازمة خنقته فيصرفها تارة في فراغ الثرثرة عن التوافه الفنية والكروية او في قوارب الموت الا من حجبه عقله الحصيف وهي صفة غالبة لدى شعب لا ينقصه الذكاء ليختار صمتا مؤقتا يخفي مخاطر انفجار هستيري قد يعصف بالجميع .
في هذا الاحتباس السياسي والنفسي المعمم يستمر العنف الفكري واللفظي المتبادل والحرب الباردة بين الكل مما يستدعي فعلا حصص علاج جماعي نحتاجه كلنا بلا استثناء ومادامت اختنا شيرين قد جربت ركح قرطاج وعملا بقاعدة اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا يصبح اقتراحي في القضية ان نتفق سلطة و معارضة لجعل اول شهر في الخريف القادم شهر التيرابي شعبا ونخبة على ركح قرطاج فنصعد جميعا بالتداول لإصدار الصيحات والخطابات والاغاني وبعد التفريغ والاعلاء النفسي الكامل قد نهتدي الى طاولة الحوار الوطني الشامل لننقذ هذه الرقعة الصغيرة المسماة وطنا لعلها تصبح بعد ذلك بيتا ممكنا للسكن الجماعي حتى لا تذهب بين سيقان صراع دولي لن يعترف بالضعفاء ولا بالمهسترين …
فلنجرب ...ليش لا ؟ ....