قضت البلاد قرابة نصف القرن تحت الحكم الفردي التسلطي على فترتين و واجهنا قدرنا حتى تناصفت اعمارنا و نحن في جبهة المطالبة بالديمقراطية ...كنا على امتداد هذه العشرية الماضية انصارا للانتقال نحو ديمقراطية مستقرة و مفيدة للناس حتى يعيش ابناؤنا ثم احفادنا في تونس اخرى حرة تعددية غير التي عشناها…
ما اقترفه الرئيس قيس سعيد مثل صدمة و حدثا لم نتوقعه بمصادرة المسار الديمقراطي و اعلان حكم شمولي في يده و بدعم من اجهزة الدولة و مساندة عدد من اطياف الشعب التونسي ... هذا يوم حزين يفتحنا على قدر محتوم بالتموقع من جديد في صف مواجهة الانقلاب و الاستبداد …
عودة تونس الى الوراء مستحيلة و ستخسر اقتصاديا و اجتماعيا بالتحول الى بلد انقلاب غاشم لتعصف هذه الصورة برأسمالها الرمزي الذي يتم اسناد تجربتها من اجله .
مواقف القوى الحية و الشخصيات الديمقراطية و فقهاء القانون و الدستور المرموقون يعترضون بوضوح على ما جرى .
من اسعدهم ما جرى سيجدون انفسهم عاجلا او اجلا في الموقع المعاكس لمجرى التاريخ . كل انصار الحرية و اصدقاء الديمقراطية في العالم الحر المتمسك بقيم الحداثة و التنوير لن يقبلوا بما جرى .
صامدون ...بالانتخاب لا بالانقلاب …
انقلاب بلا حزام يليق بحكم نخبة بلد احرار
كل الطبقة السياسية الشريفة و النخب شريكة الدرب في معارضة الحكم الفردي في العهدين البورقيبي و النوفمبري عبرت عن موقفها الرافض للانقلاب .يضاف اليها كبار خبراء الدستور و القانون بتياراتهم و مدارسهم المختلفة .
من هي القاعدة السياسية و النخبوية التي ستحكمنا بها يا رئيس كل السلطات ؟ هل تكفي الاجهزة و ادوات القوة القاهرة لحكمنا ؟ هل تكفي بعض اطياف شعبية ستكتشف سريعا كوارث الحكم الانقلابي لحكمنا ؟ هل تكفي بعض الاسماء الحربائية ذات المواقف المائعة لتكون حزامك النخبوي ؟ هل تكفي تنظيمات سياسية و شخصيات نعرف علاقتها المتوترة تاريخيا مع الديمقراطية و ميلها الى نظم القمع و الدم لتحكم نخبة تونسية متعددة و طبقة سياسية طامحة لحداثة الدولة الديمقراطية بعد عشرية حرية و انعتاق ؟