عدلني عدلني سييييدي ...عدلني وخوذ بيدي
لا يكف كثير من الاعلاميين ( الاحرار) منذ اكثر من سنة عن ابداء الاستغراب والمفاجأة من كيفية تعامل سلطة 25 جويلية مع اعلامهم تجريفا ومحاصرة واقصاء ومتابعة قضائية ومنعا من تغطية انشطة " الدولة " بعد ان كان نافذا بحشيشه وريشه في " تغطية " كل انفاس سلطة العشرية " السوداء" .
من حق الاعلام التونسي ان يتفاجأ كغيره من الأحزاب الوظيفية التي كانت تسمي نفسها ديمقراطية وحداثية وتقدمية وكغيره من احزاب القديم النوفمبري او اليساري والعروبي التي كان لها الفضل على سلطة 25 جويلية في هرسلة الانتقال الديمقراطي ومحاصرة المسار الثوري وتفجير كل امكانات التوافق والانجاز في العشرية الماضية (اقرأها اسقاط الترويكا وتهشيم النهضة وتطوير الاستقطاب وترذيل الصراع الديمقراطي ) . اذ لم يتوقع هؤلاء ان يتم شكر سعيهم في مرحلة اولى واستبعادهم من كل امل في الشراكة مع الحكم في مرحلة ثانية ثم محاصرتهم واستهدافهم وتحجيمهم في مرحلة ثالثة .
هذا الاستغراب الذي يبديه بعض الإعلاميين من وضعهم مع السلطة الحالية سببه محدودية في فهم سياقات 25 جويلية وتقاطع اجنداته وتداخلها والتي تعتبر بالضرورة ان فشل عشرية الديمقراطية السائلة وعجزها عن الانجاز وحتمية اعادة هندسة المشهد بعقل الدولة التقليدي ورقابة السياق الدولي يقتضي بالضرورة تجريف و " سنترة " كل مكونات العشرية احزابا ومجتمعا مدنيا واعلاما وليس كما توهم الوظيفيون تحجيم النهضة وملاحقة المرزوقي وتجريف الكرامة وقلب تونس فقط ثم تسليم المشهد للعائلة طويلة الاسم وحلفائها من القديم النوفمبري .
السيستام العام للإعلام التونسي وبعد دوره الناجح في تدمير الانتقال الديمقراطي ومحاصرة " الانتفاضة التونسية " في عشرية تكتيك السيلان الذي اعتمدته " الدولة " وبعد جهده اللافت للانتباه يوم 25 جويلية 2021منذ الصباح الباكر لصناعة 30 يونيو التونسية ، مر في السنة الموالية للحدث الى انجاز دوره الذكي حيث انتصب في خطه التحريري الجديد ضمن ما يمكن تسميته بالمساندة النقدية ل25 جويلية كمدخل لافتكاكه من الرئيس واعادة السلطة للعائلة المسماة ومكوناتها الوسطية واليسارية والنوفمبرية .
كانت مفردات خط التحرير واضحة بمجرد انتباه دقيق للبلاتوات التي تواصلت في السنة الاولى بزخمها العادي مثل ما كانت قبل 25 :
التصويب على النهضة وتحميلها مسؤولية العشرية فسادا واستبدادا ، سلق المرزوقي وائتلاف الكرامة ، نقد توافق النداء وقلب تونس مع " الاخوان " ، الحقنة تحت الجلد برواية قصة العشرية عبر سردية العائلة الديمقراطية الاجتماعية واليسار الماركسي والقومي و التجمع الحر الدستوري .
توزيع وانتداب المحللين من المقربين/المنتمين الى : العائلة الديمقراطية و الجبهة الشعبية ( الاوطاد والقوميين بدون تمثيل للبوكت) والقديم ( نداء .تحيا .دستوري حر ) .
التمكين لمحللي 25 جويلية ( اللحظة والمسار ) لضمان توازن وتعديل تقبل به السلطة .
جعل المشترك التحريري لكل المحللين استهداف عشرية النهضة وحلفائها في جبهة الخلاص دون منع ممثليهم من الحضور كضيوف في سياق غير متوازن ويضمن فيه خروجهم دون نجاح اعلامي الا في وضعيات القرار التحريري برفع النبرة وممارسة الضغط على السلطة .وقد تم التخفف من هذا الشرط ( دعوة مكونات الخلاص ) بعد ان اصبح للعائلة الديمقراطية الضد نهضاوية ممثليها وضحاياها في مواجهة 25 .
استفادت سلطة 25 في مرحلة اولى من هذا الخط التحريري المناور لاستكمال الاجهاز على العشرية ثم مرت بعد اقرار دستورها ومؤسساته الى اجندة الترتيب الشامل والحزم مع الاعلام وضبط ايقاعه بعيدا عن سيلان العشرية التي كان هذا الاعلام الحاكم الرئيسي فيها ( السلطة الاولى لا الرابعة ) هذا الحزم جاء بالتوازي مع تعمق الخلاف بين سلطة 25 و وظيفييها السابقين من الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني . وقد كانت مخرجات مؤتمر نقابة الصحفيين وحل الهايكا وقبلها معركة موزاييك ايذانا ببداية هذه المرحلة التي تجعل 25 بالفعل خير ممثل للسلطة القوية في علاقتها بمجتمعيها السياسي والمدني والعادلة فعلا في توزيع حرارة يد هذه القوية على الجميع دون انتقاء في توجيه القوة كما ارادها " ديمقراطيو القوية والعادلة " .
مثلما يطالب اعلام سنمار ومحللوه وضيوفه "الديمقراطيون" الطبقة السياسية ( اقرا النهضة ) بالمراجعات ...يبدو ان المطلوب منه ايضا مراجعات لمساراته " التحريرية" حتى نبكي معه على اقصائه ...دون ذلك سنظل نسميه " براقش "....