من المؤكد ان شأننا التونسي يجب أن يبقى تونسيا ..ولكننا كقوى وطنية منتصرة منذ 2011 للديمقراطية والحرية طريقا للتنمية والسيادة واستقلال القرار الوطني نهتم طبعا بمواقف الدول التي دعمت مسارنا الصعب والعسير والمتعثر نحو الديمقراطية في عشرية الصراع تحت سقف الصندوق الانتخابي بين الانتقال / الثورة والانقلاب / الثورة المضادة ...كما نهتم ونتابع ايضا مواقف دول دعم الانقلابات والمؤامرة على الثورات العربية وعلى مسار الانتقال التونسي حتى نشهر بها وبأذيالها ونحذر من مخططاتها الجهنمية …
الجزائر شقيقتنا وشريكتنا في ترتيب شؤون الاقليم يهمنا موقفها اليوم في هذه اللحظة الفارقة من صراع الديمقراطية والانقلاب في تونس ..يسعدنا بكل تأكيد كلما لاحظنا انحيازها اكثر الى معسكر ارادة الشعوب والحريات السياسية وبناء الديمقراطية طريقا للتنمية والاستقلال في اقليمنا ويسعدنا موقفها كلما ظهر اكثر تصديها لتدخلات عربان الثورة المضادة و رفضها ان يكون في اقليمنا موطئ قدم لنظم دعم التسلط والاستبداد طريقا للتفريط والتطبيع كما يدعمنا كل صمود للجزائر امام عجرفة مستعمرنا القديم حين يصر دوما على انكار حقنا في دولة ديمقراطية وطنية سيادية والقطع مع سيستام نخبته العميلة التي تواصل التآمر على التحرر الديمقراطي اما بالانحياز للانقلابات احيانا او بالالتفاف على مسارات الانعتاق وتزييف تسويات الانتقال احيانا اخرى …
لكل هذا نسجل باهتمام للرئيس تبون في اخر تصريح له اكتفاءه هذه المرة باحترام قيس سعيد " كمثقف و وطني" دون ابداء انحياز الى خياراته السياسية كما فعل سابقا فالرئيس الجزائري يعلم ان خيارات قيس الان في اطار الاختلاف التونسي اصبحت مجرد وجهة نظر وان معارضة خياراته اصبحت موقفا جامعا لكل التيارات السياسية بالبلاد.
ولكن أبرز ما نشكر عليه الرئيس الجزائري هو تاكيده - في تصريحه المقتضب حول تونس - على " احترام الشعب التونسي بكل أطيافه" وهذا اقرار محترم من فخامته بحقيقة التعددية السياسية في البلاد .
الرئيس الجزائري ابدى انشغالا اخويا على الوضع في تونس، ولكنه ابدى احترامه للطبقة السياسية وذكر بعقلانيتها وتنازلاتها السابقة من اجل البلاد . لا شك ان هذا الموقف تأكيد من شقيقتنا على احترامها للحياة الحزبية التعددية في تجربتنا الديمقراطية المنقلب عليها.
اشارة الرئيس تبون الى القوى الوطنية التي تنازلت سابقا هو تذكير منه بتجربة الحوار الوطني في 2013 وقدرة الطبقة السياسية الحزبية التونسية وعلى رأسها الترويكا وقتها بقيادة النهضة على انجاز التسوية لإنقاذ الثورة والديمقراطية ودحر الانقلابيين والثورة المضادة التي كانت وقتها بطعم وظيفي مرير بين دم الاغتيالات المشبوهة و اللعب على الاستقطاب الايديولوجي واحياء اوهام الاستئصال النوفمبري وادعاء النطق باسم الشعب والثورة والمدنية كما يفعل اليوم بالضبط انقلاب 25 وازلامه ووظيفيوه .
حين يقول السيد تبون "تونس تحل مشاكلها بنفسها ،وتونس تخرج من مشاكلها، أنا متيقين من ذلك، توجد في تونس طبقة سياسية تتغلب عليها الروح الوطنية التونسية وسيقدمون التنازلات لمنع انهيار تونس" فهو يوجه بوضوح رسالة احترام لتجربتنا الديمقراطية التعددية المغدور بها ونحن نتلقى التحية ونجيب عنها بأحسن منها ونواصل نضالنا من اجل استعادة الشرعية والديمقراطية بقلب مطمئن يؤكد ان منطقتنا لن تكون فيها ترتيبات الا باحترام الديمقراطية التونسية بعيدا عن اوهام التدخليين من حماة المستبدين ورعاة المضادة وهواة الانقلابات .
تونس ديمقراطية تعددية بلا استئصال ولا اقصاء هي امان لشقيقتها الجزائر وعمق استراتيجي لشقيقتها ليبيا ومهد ربيع شعوب وحرية امة يجب ان تدخل عصر الحداثة والتنوير بإنهاء اثار عدوان الانقلابات ونظم الاستبداد على وجدان وكرامة هذا الانسان العربي المقهور ...المجد للديمقراطية والخزي للفاشيين والوظيفيين وخدم الانقلاب الشعبوي البغيض …