السجن هو أبشع مؤسسة انتجتها البشرية ..والحرية التي هي الصفة الجوهرية للإنسان اقترنت في معناها الأولي بقدرة الجسد الانساني على حرية التنقل والحركة في الفضاء الطبيعي وقد اعتبر المخيال البشري أن فقدان الحرية مرادف لوضع اصفاد على الأرجل …
عندما يسجن انسان من أجل فكرته أو موقفه أو ممارسته لعقيدته او تعبيره عن رأيه ..عندما يسجنه الحاكم الذي يملك القوة العارية ..يكون ذلك فضيحة اخلاقية في حقنا جميعا ولا تنتهي فضيحتنا الا حين ننهي تلك المظلمة بكل الطرق ..بكل الطرق ..بمعنى ( مرة اخرى ) ان اطلاق سراح سجين رأي وموقف سياسي يجب ان ندفع الى تحققه بكل الاساليب التسووية المتاحة …
شيماء عيسى كما تبدو في الصورة عادت لابنها ( انظروا الى عينيه في الصورة ) ولأبيها ..عادت لهما بالأساس ...حجم الالم والفرح بسجن عزيز او اطلاق سراحه شعوران لا يعرفهما الا الأصل والفرع اي العائلة …
ولزهر سيعود لأبنائه كي يحملهم الى المدرسة قبل أن يأتي لشرب قهوة معنا ثم يعتذر لقطع القعدة والذهاب للعودة بهم كما كان شأنه معنا احيانا ( اصدقكم القول كان اول سؤال تبادر الى ذهني ليلة ايقافه : اوووف ..زعمة شكون يوصل صغارو للمدرسة …واجاب عقلي : تي يزي مالتخلويض توة هذي مشكلة ؟ )
السجن سيء لأنه اعتداء على الحياة الطبيعية وجوهر الوجود الانساني بماهو حرية الحركة بالجسد …. ولهذا كنت دائما اعتبر ان سجن اي صديق في العمل السياسي خسارة يجب ان لا نتمناها لأحد …انا من عادتي لا أحب تلك الصياغات الشعبوية النضالية بالدعوة الى القتال الى اخر جندي ..حين يسجن سياسي يجب ان نتجند كل بأسلوبه كي يخرج …حتى نتخلص وتتخلص بلدنا من الفضيحة …هل هناك فضيحة اشد من ان يسجن سياسي من اجل رأيه ؟
في شرق المتوسط لعبدالرحمان منيف كانت مشكلة رجب بطل الرواية : كيف سيقول للطبيب في باريس ان مرضه هذا لأنه كان سجينا من اجل آرائه …كان يظن ان الغرب نسي معنى ان يسجن انسان من اجل ارائه ..كان الامر في تقدير رجب فضيحة او حدث غير معقول ولا مفهوم …
يجب ان يعود باقي السجناء لأبنائهم وبناتهم وامهاتهم وابائهم وزوجاتهم قريبا …يجب ان ننهي هذه الفضيحة اولا قبل ان نعود لنتحدث في السياسة ..