وظيفيون بلا اقنعة ...فاشيون بلا شرف ..كاذبون باستمرار
أزعم والله أعلم انني أعرف الساحة السياسية و تفاصيلها و كثيرا من شخوصها و تياراتها و أحداثها ما يجعلني أزعم أيضا أنني استطيع ان ادافع بارتياح على جل تقديراتي و انحيازاتي لهذا الموقف او ذاك على امتداد عقود رغم نسبية الحقيقة طبعا في المجال السياسي .
من هذه المواقف مثلا الانحياز للديمقراطية و تجنب المواقف الاستئصالية و خصوصا تجاه النهضة و حلفائها في الترويكا الاولى و تنسيب حجم مسؤوليتها في تعثر عشرية الانتقال الديمقراطي وضعف مردودية هذه العشرية اقتصاديا و اجتماعيا او دور هذه العشرية في استشراء الفساد وضعف مقاومته و تأخر الاصلاحات الوطنية الكبرى . .
دعنا من المواقف الايديولوجية التي لا ينفع فيها عقار و دعنا من الدعاية السوداء المسماة " اعلاما وطنيا " التي ساهمت في تكريه الناس في الثورة و الديمقراطية وحولت كل الطبقة السياسية الجديدة الى شياطين و فسدة في عقول البسطاء و على راسها النهضة و انصار الثورة محافظين كانوا او حداثيين .
دعنا من كل هذا و دعنا ايضا من ضرورات التقييم الجذري لأداء الطبقة السياسية الجديدة و النهضة على راسها في عجزها عن انجاح الانتقال و تفكيك منظومة الفساد والاستبداد ( من بينها اصلا منظومة الدعاية السوداء ) واسباب العجز عديدة منها الذاتي وهو غياب الرؤية و ضعف الكادر السياسي والفشل في تعبئة النخبة الوطنية الصادقة على مشروع وطني مشترك و الذهاب الى مهادنة القديم و الخضوع الى شروطه و منها الموضوعي وهو قوة السيستام واستعصاء المنظومة و قدرتها على الانتشار السريع في شكل نخب وظيفية تم الاستثمار فيها لتدمير انتقال ديمقراطي رأوه لا يفرز الا خصومهم الايديولوجيين فتكفلوا بمواجهته بالنيابة عن القديم المستبد .
لكن رغم ذلك ...كان يداخلني احيانا شك مخيف ...لعل النهضة فعلا ليست مجرد حزب فشل في الاداء السياسي او ربما فشل في الاداء الفكري ...لعلها فعلا كما يقول البعض مورطة في الفساد و الارهاب و العمالة ...كلها من ساسها الى راسها ...و ها نحن ننتظر ...و في كل مرة ارى فاسدين حقيقيين اعرفهم كما اعرف حذائي و في كل مرة ارى اصحاب فكر و ايديولوجيات انا متأكد هم مشاريع حقيقية للإرهاب السياسي ولو وجدوا امكانية لوضعونا جميعا في محتشدات سيبيريا و لاطلقوا علينا عصابات بول بوت و في كل مرة ارى وظيفيين عملاء حقيقيين اثروا و جمعوا اموالا كالرز في هذه العشرية بالعمل الاعلامي و المدني و الجمعياتي الذي تدفعه دول متامرة على الثورة و الديمقراطية ...في كل مرة اراهم يكتبون و يتكلمون عن فساد النهضة و ارهابها و عمالتها و عن فساد و عمالة وارهاب كل من يقترب منها ...اراهم و انتظر ان يقدموا ادلتهم فيخيب ظني فيهم ولا اجد غير السراب …
عندها اشعر مرة اخرى بأني يجب ان لا ازعم ..بل يجب ان أتأكد و اتباهى بأني اعرف جيدا هذا المشهد السياسي منذ عقود وانني تقريبا في الموقف و الموقع الصحيح ...و ان هؤلاء الذين يملؤون الركح في الزبالة يمرحون على راي عادل امام متاع الانقلابات …