وفاق السكرة ينفلق قريبا بحضور المداينية..
في العشر الاواخر من رمضان ومع أيام العيد انطلق خارج العاصمة ماراطون اجتماعات تشاورية بين نواب من كتل مشتقات القديم والنداء التاريخي برعاية " تنظيم الطلبة والاكاديمية " و "رجل" اعمال الريع الجديد وأحد الداخلين الجدد منذ سنوات الى غرفة اللوبيات الراعية للمشهد السياسي مع الرعاية العليا طبعا من ساكن سكرة المهندس والسبونسور التقليدي للمشهد منذ عقود.
تقدير الموقف الاساسي الذي مثل خلفية هذه الاجتماعات: منظومة 2019 غير مضمونة حتى لو كنا الان قد استطعنا تحقيق بعض الاختراقات داخلها في قرطاج والقصبة. غير مضمونة لأن لا أحد يستطيع ان يتوقع اتجاهات انتفاضة قيس سعيد في مواجهة بقايا " السيستام المتصدع " بعد ان يرتب امره. ولأن لا أحد يأمن توجهات شبيبة الوزراء المشكلين لحكومة الياس الذين لن يهدأ لهم بال حتى يذهبوا أكثر فأكثر كما تؤكد المؤشرات الى فتح كل الملفات في كل الاتجاهات دون خطوط حمراء او تمييز لاحد بمن في ذلك من كان منا شريكا لهم في الترتيب الحالي للمشهد وقد استعملت هذه الحجة لمزيد الضغط على " تحيا " و " الاصلاح " الذين يعيشون بدورهم اختلافا جوهريا حول وجهتي التحالف مع مسار الاصلاح والانتقال او العودة الى خيار الوحدة الاورتودوكسية للمنظومة القديمة على شاكلة نداء 2012.
الاجتماعات التنسيقية في العشر الاواخر تجاوزت العقدة التقليدية بخصوص شراكة الدستوري الحر ليحضر ممثلو عبير على العقد الادنى المشترك: ليس هناك امكانية لعودة القديم الذي تعيش وهمه عبير موسي ولكن الوحدة الاورتودوكسية التكتيكية للمنظومة ستضمن على الاقل استمرار الصراع وتوازن التعطيل والتوتير الذي يمنع انطلاق الاستهداف الجدي للسيستام ويبقي مسار الثورة والانتقال في مرحلة توازن الرعب مع قديم لا ينتهي وجديد لا ينجز.
كانت تطورات الوضع الليبي بين اندحار حفتر وتقدمه حاضرة في تقدير الموقف الذي حكم هذه الاجتماعات وقد زاد خطر هزيمته في توتر الخائفين والتسريع باجتماعهم على قاعدة: انج سعد فقد هلك سعيد.
سياق الوضع الاقليمي الحاضر في هذا التقدير سمح بدخول اشارات ووعود الدعم الواضحة من جهتي المحور العربي للثورة المضادة وامكانيات الاستفادة والتلويح بالاستعداد للخدمة من المحاور الروسية او الاوروبية المحتاجة لقوة ابتزاز ضرورية لمنظومة 2019 التي بدأت في التشكل جنينيا وعفويا رغم عدم تبلور وحدتها.
هذه المحاور تريد قوة تعديل تونسية مضادة للجزائر الجديدة الميالة أكثر لسردية حراكات الاصلاح والتغيير وقطع يد الخلجانية المرعوبة والمهزومة في المشرق العربي والطامحة الى مسك اوراق في المغرب العربي تضمن بها مقايضة الراعي الامريكي الذي بدأ يوحي بإمكانية انزالهم من على اكتافه.
اجتماعات رمضان حضرها المتحمسون وحذر منها عقلاء يدفعون براغماتيا الى الكف عن وهم مقارعة ثورة وانتقال يشتد عوده ووقف صامتا منتظرا مخرجاتها شق ثالث متردد بين خيار الحكماء وخيار المغامرين ليركب في الوقت المناسب مع سيناريو " الانقلاب " السياسي ان نجح في ما خطط له.
مخرجات اجتماعات العشر الاواخر تراوحت بين سقوف طوباوية واهمة وصلت الى حد تقسيم المغانم المحتملة بوعد القسمة بين رئاسة انثوية للبرلمان ورئيس حكومة " مجرب " يعوضان شيخ البرلمان ورئيس الحكومة المخلوعين لتعود مقاليد اللعبة الى القديم العائد بمعادلات 2014.
ولكن السقف الادنى او اقل النتائج هو ضمان عودة الاستقطاب المعطل لتكون خمس عجاف بلا انجازات ولا تفكيك لمنظومة الفساد ولا تغيير لتعيينات الخماسية الماضية على الاقل في سنواتها الشاهدية الاخيرة في انتظار 2024 وعندها لكل حادث حديث.
وضعت اوراق القوة على الطاولة: علاقات متوترة بين أطراف ائتلاف القصبة + ضعف تواصل بين قرطاج والقصبة وشيخ باردو + غياب ثقة واسلوب عمل واجندات مختلفة بدون تنسيق بين قيس والياس والغنوشي + طموح وزراء شبان بأفق اصلاحي دون حماس واضح مع طموحهم من احزابهم ورئيس حكومتهم.
و الاهم من كل ذلك وضعية احتقان و توجس وصلت الى درجة استعداد لحراكات شعبية بالاتكاء على دعم مزعوم من رئيس الجمهورية و قلق واضح من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يدفعه البعض الى استعادة مزاجه العدواني تجاه الحكم كما كان مع الترويكا عبر تخويفه من امكانية ان يكون الاصلاح و مقاومة الفساد و بناء برنامج الحكم من وراء ظهره او على حساب شراكته التقليدية مع " الدولة " بعد ان فقدها مع بن علي و استعادها بعد الثورة .يضاف الى ذلك كله استعداد " نخبة الدولة " و ادارتها العميقة الى التعاون كلما تمت اثارة النعرة الايديولوجية بفزاعة " الاخونة " او بإثارة مخاوفها بخطاب الاصلاح على نغمة " عبو " .
كانت الخطة البداية بتكتيك الاستطلاع بالنيران لتحسس موازين القوى ونقاط ضعف الخصوم وكانت ليلة " اللائحة " خطوة اولى في مسار " التنفيذ " ….. وللتحليل بقية لتقييم الحصيلة التي بدأت في التناقص منذ صباح ليلة السكاكين الطويلة ….