و البديل الديمقراطي المحقق لانتظارات الناس سينضج ..
غرفة التخطيط لانقلاب 25 كانت تراهن على عوامل متعددة تنهي بمقتضاها قوس الانتقال نحو الديمقراطية و تجهز (بواسطة رئيس غريب عن زواريب السياسة) على اخر معاقل الثورة على الاستبداد في مجال عربي بقي محجوبا عن انوار المواطنة .
العامل الاول الذي كان يغري غرفة الفاشيين العرب و التونسيين المخططين للانقلاب هو عشر سنوات من الانتقال المتعثر الذي رسخ في ضمير جمعي هرسلته خطط الدعاية السوداء كره الديمقراطية و الثورة التي اصبحت مقترنة (بفضل الكذب الممنهج) بالفقر و الارهاب و الفساد و غياب الانجاز الاجتماعي مع شيء من توابل " الدفاع عن السيادة الوطنية المزعومة " و الخوف على " الدولة المدنية المسماة وطنية " يضاف الى ذلك ثقافة شعبوية عامية تدغدغ موروثا بائدا عن " المستبد العادل " و اوهام التنمية المزعومة بالقوة العارية للدولة المركزية المستبدة .
العامل الثاني الذي اقامت عليه سردية الانقلاب امكانية نجاحها هو " فوبيا الاسلام السياسي " الذي يجمع منذ عقود حول المستبدين حلقات الوظيفيين و عبدة الديكتاتورية من اذرع اعلامية و ايديولوجية للإيجار كانت على امتداد هذه السنوات العشرة طليعة الصدام الفاقد للشرف مع نزوع الحرية و طموحات الانعتاق العربي كما كانت باستمرار السند السري للنوفمبرية في مواقع العنف المادي و الرمزي للنظام الاستبدادي النوفمبري .
ثالث العوامل و بالاضافة الى اكاذيب الشعبوية الرثة هو وهم قدرة نظم التطبيع و الاستبداد و الثورة المضادة على ضخ السند المالي للانقلاب حتى يؤبد الامر الواقع .اما رابع العوامل فهو المراهنة على اجهزة و ادارة دولة مستعصية عن القبول بالحكم الديمقراطي و تحن باستمرار الى ماضيها الذي تحول الى طبيعة راسخة في الاستعداد للطاعة الدائمة و التلذذ بنظم المراقبة و العقاب التي تمنحها مجالا لتصعيد نفسي لكل مكبوتات المستبد الشرقي المترسبة في اعماق وجدان الحاكم و اعوانه .
و لكن رغم ما تقدم فقد كانت اشهر ستة كافية لينهار المشروع الانقلابي و يظهر عاريا كما هو في حقيقته : مجرد اغتصاب همجي للسلطة بواسطة القوة الصلبة للدولة دون اي مشروع و لا افق و لا حلول .
سقطت سريعا سردية مقاومة الفساد و اكاذيب الادعاء على عشرية انتقال متعثر و بمرور الوقت قفز من سفينة الانقلاب التائهة كل من سانده في ايامه الاولى و لم يبق له الا النطيحة و المنخنقة و ما لوثه الاستبداد منذ عقود من " نخب الاعناق الذليلة " و سقط المتاع السياسي و حشود البروفايلات المضروبة التي لا تملك غير ضحكاتها الغبية او شتائمها المقتبسة من قواميس نخب العار و كلاب الحراسة .
قلنا منذ اليوم الاول انه انقلاب يسقط اخلاقيا بمن خطط له و ناصره و تمنى العسل من مؤخرته …ان يسقط فعليا تلك حتمية في ذمة التاريخ .