من المؤكد ان القوى السياسية المناهضة للانقلاب قد حققت اليوم نقاطا مهمة على حساب السلطة القائمة . تمت اليوم العودة من جديد الى شارع بورقيبة في ذكرى الثورة بعد أن اغلق في السنة الفارطة رغم دفع شارع مواطنون ضد الانقلاب ضريبة قاسية من شهيد الى ملاحقات قضائية لفرض فتحه . " التحرير السياسي " لشارع الثورة تم اليوم رغم " قرارات الوالي " و " بلاغ الداخلية " والتي لم تساو اليوم امام اصرار الشوارع السياسية اكثر من الحبر الذي كتبت به .
من مكاسب هذا اليوم التاريخي ايضا التقاء كل الاطياف السياسية في الشارع الكبير - رغم التباعد النسبي في الاماكن- على نفس المطالب في مواجهة حكم قيس سعيد كما تبادلت بعض القيادات من الاطياف المختلفة المواقع بالالتحاق المتبادل بالوقفات المتجاورة .
تخوف سلطة الامر الواقع وعدد من مسانديها الوظيفيين كان واضحا اولا : في خروج قيس سعيد يوم امس للشارع ليعلن "خبرا هاما " تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي وهو انه " ليس خائفا ..ولا يخاف الا الله " وثانيا : في تنفس مساندي الانقلاب الصعداء و تعبيرهم بنوع من " خفة الروح البليدة " عن فرحهم ب" عدم سقوط الانقلاب " هذا اليوم في استهزاء يخفي الرعب الذي اعتراهم من ان تشهد تحركات هذا اليوم منعرجا شبيها بيوم 14 جانفي 2011 رغم ان لا أحد من قوى المعارضة قد حددت هذا الهدف لتحركات اليوم .
في المقابل يجب ان نتوقف بوضوح عند بعض الاستخلاصات المهمة المتعلقة بوضعية المعارضة .
أولها استمرار التباينات والانقسامات بين الاطراف السياسية وغياب خارطة الطريق المشتركة لغلق قوس انقلاب متأزم داخليا ومعزول عن اي مساندة شعبية بعد تأكد قصوره عن الانجاز واتجاه البلاد تحت حكمه الى المجهول فضلا عن عزلة البلاد عن محيطها الدولي والمصاعب المالية التي تسببها هذه العزلة . غياب الوحدة السياسية على ارضية الحل وافقه عائق مهم لانهاء هذا الوضع المأزوم وسبب رئيسي في استمرار الانقلاب.
اما ثاني الاستخلاصات هذا اليوم فهو غياب الرؤية الواضحة والبرنامج المرحلي للقيادة السياسية وخصوصا في الشارع السياسي الأكبر الذي تقوده جبهة الخلاص حيث ظهر اليوم غياب الرسائل السياسية المفروض اعلانها في هذا الشارع الذي اثبت اليوم تحفزه واستعداده لتنفيذ اي خطة نضالية تقترحها قيادته .
من جهة ثالثة مازال الشارع الشعبي في حالة حياد امام الشوارع السياسية المتقابلة فبعد ان اعلن يأسه من قيس سعيد في العزوف التاريخي عن انتخابات 17 ديسمبر مازال هذا الشارع لم يقرر الالتحاق بالشوارع السياسية التي لم تتمكن بدورها من اعداد عرض جاذب لشعب يعيش هواجس الخوف على المصير الاقتصادي والاجتماعي للبلاد دون ان يرى في الطبقة السياسية المتنوعة والمختلفة قيادة ممكنة لسفينة الانقاذ .