الشابة الفة الحامدي التي يحتار المتابعون حاليا في تصنيفها بعد صدور بيانها العظيم في " الحل الشامل" هي تعبيرة اخرى عن مشهد سياسي رث احتله منذ انفجار الحرية في 2011 النكرات والفارغون والوافدون على " قليم " السياسة و افارياتها بعد تحول هذا المجال الى حمار قصير اصبح النجاح فيه اسهل من نصب كردونة انتصاب فوضوي في شارل ديغول .
كنت أول من نحت مفهوم " البدون سيرة " تحذيرا من ظواهر الطفح الجلدي التي غزت الساحة السياسية وتولت مناصب متقدمة حتى في احزاب تاريخية عريقة واصبحت تقرر مصير المشهد السياسي وهي لم تكتب او تقرا يوما جملة سياسية حتى في حلقة تلمذية .
اعتبرني البعض " تقليديا " تحاوزني التاريخ حين اعتبر ممارسة السياسة مسارا طويلا ييدا منذ فترة مبكرة من حياة الانسان يجلس فيها الى كبار سبقوه ويثني الركبة على الكتب ويتعلم تقليب الفكرة ومجادلتها في حلقات النقاش التلمذية والطلابية وينتفخ رأسه بسهرات الجدل الفكري بقطع النظر عن جدواه ويتعود ظهره على تمسيدات الماتراك في المظاهرات الشبابية ومناوشة " البيغ " من ساحات المبيتات .
ضحك مني كثيرون حين قلت ان الشباب الذي نحتاجه ليس شباب " الديفورماسيون " الذي تكونه حلقات " تنمية الديمقراطية " متاع الماريكان والاوروبيين في قاعات النزل ورحلات العواصم بل ان الشباب الذي ينفعنا هو الذي ننقل له ما نملك من سيرة بعد ان نحذره من خيباتنا وتغفيصاتنا وتخلويضنا ودغمائيتنا الايديولوجية لكن دون ان نتساهل معه في المطالعة ونقسو عليه ليقرأ ويفهم كل تفاصيل التاريخ السياسي ليعرف الشرفاء ويميزهم عن باعة الاوطان وليتعلم احترام رموزه التاريخية حتى لا ينتصب عليه الفارغون والتافهون والجهلة قادة وزعماء .
ضحكوا منا وقالوا تجاوزكم القطار وتحول منشطو المنوعات ومحاورو الراقصات سابقا الى محاورين للبدون سيرة واصبحنا امام مشهد سياسي نظهر وسطه مثل اهل الكهف …
جوستمون انه زمن الفة بصفة عامة.