البلاد ليست بخير
سيكون من قبيل المكابرة لو أنكرت سلطة الأمر الواقع حجم العزلة التي تعانيها حاليا في الداخل والخارج و ما ينتظر البلاد تحت حكمها من مصير اقتصادي مرعب .
التوقعات الاكثر تفاؤلا تقول ان سلطة 25 لا تملك حلولا لفك عزلتها الا مزيدا من خلط الاوراق في سياق لعبة تأزيم داخلي وبالتالي تأزيم الاقليم :
الذهاب الى احياء الاستقطابات التقليدية وبالخصوص مع حركة النهضة وحلفائها عبر مغامرات في الاستهداف الحقوقي بالايقافات و الاقامات الجبرية وافتعال " الشو السياسي " باستحداث الملفات : هذا هو الطريق الذي سبق استعماله، ولكنه لم يكن مجديا بالقدر الكافي فهو من قبيل le déjà-vu .
الاستثمار في هذا الانقسام الحاد لمعارضي الانقلاب واللعب على الجبهات المتقابلة التي تغيب فيها قوة رئيسية وازنة قادرة على ان تقدم نفسها بديلا ناجزا هو استثمار بلا افق لأن كل مربعات النفوذ الداخلي والخارجي لم تعد تنظر الى السلطة القائمة حكما قابلا للحياة وضامنا للاستقرار مما يجعل شرط توفر البديل الذي كانت تضعه هذه القوى اصبح غير ضروري بعد أن أصبح استقرار البلاد والاقليم على كف عفريت يحكم بلا رؤية وفي افق مغامرة بلا بوصلة .
حياد الشارع الشعبي لم يعد شرطا كافيا للقبول بسلطة الامر الواقع فهو حياد مخيف يمكن ان تستثمر فيه " حشود مغامرة " و لوبيات و غرف تزعم مساندة " مشروع الرئيس " لتعبث بالسلم الاهلي وتستهدف معارضيه في " تصفية شعبية للحسابات" كأسلوب لخلط الاوراق لم تيأس منه بعض المجاميع رغم فشل خطة 8 ماي الماضي .
البلاد ليست في وضع جيد، وتوزع موازين القوى / الضعف لا يضمن وضع الصراع السياسي تحت سيطرة العقل وحجم الانقسامات السياسية والشعبية والدولية في البلاد تؤذن بمخاطر حقيقية يعتبرها بعض المغامرين حلا يقطع الطريق امام الحل الديمقراطي الوطني .
الكابة المنذرة بالإحباط المدمر والرعب المعمم وغموض الغرف المظلمة فعلا ورغبات الانتقام والتشفي الموزعة بعدل في صدور جزء كبير من الطبقة السياسية وبعض الفئات "الشعبية / وية" وتربص قوى دولية معادية ..هذا كله يؤكد ان البلاد ليست بخير .