لسنا في وارد المشاريع الجذرية و الكاملة مطلقا و لا احد يدعي امتلاكها او تمثيلها او التمكن من اعداد ما يجعله حاملا مثاليا لها ....الانتظارية و التيئيس و لعب دور الوصي الحامل للحقيقة المطلقة يصبح في كثير من الاحيان انسحابية وظيفية لترك الفراغ امام قوى الشد الى الوراء .....لا احد يدعو الى التقدم بشروط قديم فاسد مهيمن و مشبك و مسيطر على مفاصل النفوذ و مدعوم داخليا و خارجيا …
ولكن ليس من المؤكد ان كل من يريد " جديدا طاهرا " يبشر به نظريا صباح مساء هو فعلا " قوة تجديد وتقدم " ...الوضع المركب يحتاج عقلا مركبا في التعاطي معه ...الحرص الدائم على الاستهانة بالأسلوب المركب في الذهاب الى تسويات بشروط الجديد قد تغري مشاعرنا الكسولة الميالة الى الاستهانة بكل شيء ولكنها استهانة لا تصنع " ثورة " ولا " انتقالا " بل تؤدي وظيفيا دور العدمية الصانعة للفراغ الذي يستثمره قديم يحسن الانتشار ....
تستطيع جيدا ان تصنع نظريا خطاب الزهد الثوري الحكيم لتقنع الناس بالقعود ولكن يصعب ان تصنع ما به تدفع الناس الى الفعل الصبور والهادئ على ارض التغيير .... حقراء كانوا قبل حدث اربعطاش جانفي بالعون لألسنتهم خوفا من كل قول في شؤون الناس حتى اصلاحيا أصبحوا اليوم يعتبرون كل اشتغال بشؤونهم مجرد عبث ويتهمون كل مشتغل في هذه الشؤون وصوليا وذا غاية ومهادنا …
اما هم فيرفعون السقوف من وراء شاشة " طاهرة " في انتظار معجزة " المشروع الجذري الطاهر " الذي سيركبونه " طاهرين مطهرين " حين يأتي .... مخلفون في كل العصور قبل اربعطاش جانفي وما بعده …
الوعي بمجريات مشهدنا السياسي التونسي بماهو " وعي سياسي" هو جهد تنظيري. النظر في المشهد السياسي بماهو " وعي سياسي" هو شغل " الفاعل السياسي " مسنودا ب" الفاعل التنظيري " .الوعي السياسي لا علاقة له بالتفاؤل او التشاؤم و الا أصبح مجرد " مشاعر حشود " .
الوعي السياسي هو اكتشاف ان كل واقعي معقول وكل معقول واقعي. هو توصيف / وعي ل/ بمجريات الحدث السياسي فتكون كل مرحلة من المسار خطوة نحو الغاية التي يجري اليها كل انتقال سياسي من الاستبداد الى الحرية.
الجهد التنظيري هو وعي باننا نسير نحو مستقر لتونس الحرة والقوية والعادلة. يكفي فقط ان يتكفل " المفكر المسؤول / الملتزم / العضوي " بترشيد وتبشير الحشود / الناس / الجماهير انها اصبحت فاعلا رئيسيا وان فعلها يؤتي اكله في كل حين .... المفكر الحزين / الهدام / المتشائم مجرد مثقف وظيفي يحبط الناس ويؤكد عبثية الفعل الجماهيري وزيف الانتقال حتى لو لبس هذا المفكر رداء الغاضب الطهور الذي يريد " تحقق الثورة الكاملة " ....
هل تتحكم في السياسة و القرار الوطني التونسيين قوى و مراكز نفوذ داخلية و خارجية؟
نعم
هل من هذه القوى والمراكز كثير من بؤر الفساد الداخلية والهيمنة الخارجية؟
نعم
هل استطاعت هذه القوى والمراكز الفاسدة والهيمنية ان تخترق وتصنع لها ممثلين حتى داخل القوى المحمولة على الاصلاح والثورة والتغيير؟
نعم
هل يمكن لقوى وطنية وقوى اصلاح مصممة ومريدة ان تكون منافسا ونديدا لهذه القوى والمراكز والبؤر فتجبرها على تسويات بما يخدم البلاد والعباد؟
نعم
هل توجد او وجدت معارك تبين فيها وجود مؤشرات على امكانية هذه المنافسة والندية والاصلاحية الوطنية التي اجبرت هذه القوى الفاسدة الداخلية والخارجية على تسويات لصالح البلاد مع القوى المنتصرة لصالح تونس الديمقراطية والوطنية؟
نعم
هل تمثل الطبقة السياسية " الجديدة " رغم ما تعانيه من اختراقات خميرة ممكنة لتشكل تيار وطني وطني وموجة شعبية قادرة ومريدة تجبر ما تبقى من القديم الفاسد والخارجي المهيمن على التسوية بشروط الانتقال الاصلاحي الوطني والاستقلالي؟
نعم
هل توجد محاولات لبناء هذا التيار الوطني الشعبي الاصلاحي المريد والقادر على التفاوض العام مع المراكز والقوى والبؤر العنيدة عن الانصياع الى شروط الانتقال الاصلاح الوطني والاستقلالي؟
لا .......لا كبيرة …