رؤوس اقلام سريعة .
فوز اليمين الشوفيني في فرنسا بأكثر المقاعد الفرنسية في الاتحاد الاوروبي هو فوز نسبي نتيجة الانقسام في اليمين واليسار التقليديين .
بتجميع مقاعد اليمين التقليدي تكون أكثر من مقاعد التجمع الوطني وبتجميع مقاعد اليسار يكون فوز الشوفينيين منسبا .
يتعلق الأمر في اخر التحليل بأزمة في المشهد السياسي التقليدي الذي هيمنت فيه على اليمين واليسار رثاثة الفكر الشعبوي المعمم ( ماكرون ووزراؤه دليل كاشف لوضع الضحالة الذي انتهت اليه فرنسا ونخبتها التاريخية ، ومصير الاشتراكي الفرنسي علامة دالة على التكلس الذي بلغته فرنسا الاجتماعية " التقدمية " ).
صعود اليمين المتطرف في اهم بلدان اوروبا يبقى قوسا مؤقتا وناقوس خطر محدق بالمنتظم الاوروبي الوسطي ولكن شروط الحصانة والتأمين متوفرة حيث لن يتمكن الشوفينيون من احتلال مقاعد المسؤولية في البرلمان الاوروبي اذ تبقى الموازين التقليدية مطمئنة بتجميع حصاد اليمين الاوروبي المعتدل لوحده ويكون السد منيعا في وجه اليمين العنصري اذا اضفنا مقاعد اليسار .
ومع ذلك من المؤكد ان " العقل السياسي " الاوروبي سيقرأ جيدا هذه الصدمات ليعيد ترتيب مشهده السياسي يمينا ويسارا بعيدا عن موجات الشعبوية والتطرف الصاعدة والتي لم يسلم منها يمين ولا يسار .
ذهاب ماكرون الى مغامرة "المبكرة" لا يخرج عن احد احتمالين :
اما الاستثمار في الصدمة لتكون ردة فعل الناخب الفرنسي الذهاب الى اليمين المعتدل وبذلك يستفيد ماكرون من لعبة الاستقطاب وفزاعة التطرف فيوحد القاعدة الانتخابية اليمينية المعتدلة حوله وقد يساعد ذلك على توحيد اليسار ايضا فقد اتجه شباب اليسار المنقسم الى الدعوة لتشكيل جبهة شعبية في مواجهة الحبهة الوطنية / القومية / الشوفينية ( الترجمات كلها ممكنة ) .
او توريط اليمين المتطرف في الحكومة والتضحية بتحمل التعايش معه لكشف محدوديته وكارثيته قبل سنتين من الرئاسيات وبذلك يضمن ماكرون لمرشحه او خليفته اليميني التقليدي حظوظا اكبر في الاستحقاق الرئاسي بهذه الحركة الشطرنجية المغامرة .
في كل الاحوال نحن امام مشاهد سياسية اوروبية متحركة لديمقراطية غربية تصلح ذاتها بذاتها وتتفاعل بحيوية مع حراكها الشعبي والنخبوي .