في استشراف القادم : تنتصر ولكنها ستحاصر اكثر

ومع ذلك ورغم هذه الانتصارات الرمزية التي مرغت أنف الكيان، لابد من القول الآن ان خيار المقاومة في المنطقة ، وعلى جميع الجبهات من غزة الى جنوب لبنان وصولا الى اليمن والعراق ، ليس له من نصير الا حواضنه الشعبية . الأنظمة العربية ترفض هذا الخيار استراتيجيا وأقل هذه النظم تورطا في العمالة وأكثرها تعاطفا مع المقاومة ستحاول دفع المقاومين نحو التسوية " العادلة " عبر حل الدولتين ومرافقتهم نحو القبول براغماتيا بحلول سياسية خارج خيار البندقية والتحرير الكامل بقطع النظر عن مدى استعداد العدو لذلك .

الشعوب العربية مضروبة على أيديها وتبدو مشغولة بقوتها اليومي وبعض من تخلص منها من ثقافة التمييع وكي الوعي لا يملك للمقاومة الا الدعاء والتعاطف القلبي .

التيارات السياسية الكبرى ( من اسلاميين وعلمانيين ..يسارا ويمينا ) وخصوصا بعد موجة الثورات دخلت في وضعية انقسام حاد واستقطابات ايديولوجية فضلا عن تبين ضعفها اثر عودة قوة وصرامة " الدولة / النظام " بدعم القوى الدولية المتنفذة التي تلاعبت بنسيج المنطقة اثر " الربيع " وتبين لها ان النظم القائمة ، بعد تعديلها نسبيا ، أحفظ لمصالحها من " انفلاتات " سياسية باسم الدمقرطة يمكن ان تفرز فيها هوامش الحرية شعوبا ونخبا معادية للغرب ومصالحه في المنطقة .

المنطقة العربية تعيش فراغا استراتيجيا ستعيد ملأه نظم تقرا الدروس جيدا وستحتاط من كل تغيير دراماتيكي ينهيها او يحول المقاومة للعدو او للاستبداد خيارا شعبيا ونخبويا في المنطقة .

ايران الداعم التقليدي منذ عقدين لهذا الخيار من المرجح انه سيتم تحجيمها واشغالها في ازماتها الداخلية وشأنها القومي بعد ان تم تحجيم حلفائها فضلا عن اقامة ما يكفي من التوجس المذهبي منها بعد ان تم احكام الاستقطاب بين الاسلامين السياسيين السني والشيعي وبعد ان تم معالجة تداعيات الطوفان الذي كاد ان يوحد الجناحين .

التركي سيكتفي في اقصى سقوفه بمساعدة الفلسطينيين على الاستفادة من تسوية تكون أقل ظلما واجحافا دون ان يذهب الى الموافقة على سقوف عالية في مقاومة الكيان وازالته مع الاستفادة من الاسلام السياسي السني كورقة مهمة في المنطقة يستطيع عبرها التركي ان يحتفظ بإدارة ملفات المنطقة اذا استطاع التقارب اكثر مع نظم المنطقة ليكون حاميا لها من الابتزازات الاطلسية وفي منافسة تسووية مع الكيان .

ولكن رغم ذلك يجب ان نراهن على استحالة جنوح الكيان الى تسوية مرضية للكيانات العربية القائمة وللفاعل التركي والتيارات السياسية والثقافية الشقيقة له كما لا نتوقع ان يرضى الغرب الاطلسي المتصهين وعلى رأسه امريكا بغير الهيمنة الفجة على المنطقة والدفاع على قاعدته المتقدمة اسرائيل مما يجعلنا نتوقع ان هذا الترتيب الذي يراد الذهاب اليه بمنطق تسووي لن يكون له افق ولا مصداقية قابلة للتصريف مما سيضطر الفاعلين العرب والفاعل التركي الى اعادة استحضار الخيار المقاومة وجبهاته ورعاته كمدخل وحيد واستراتيجي للترتيب العادل لمنطقة يجب ان تكون لأهلها من شرق اسيا الى غربها وصولا الى افريقيا بعيدا عن منطق الهيمنة الاجنبية الاطلسية . لكن لن يكون هذا في القريب العاجل …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات