لحظات التأسيس الفعال

على ابواب كتابة نصنا الوطني الجديد للأجيال القادمة

نعم ..هذه قناعاتي بعضها قديم تجدد وعبرت عنه روحي القلقة سابقا وباستمرار ...وبعضها جديد في التعبير عنه صقلته التجربة ...والخيط الناظم واحد ...لكنها قناعات تقبل ما يخالفها من وجهات نظر ..فالحقيقة طبعا نسبية :

:1- انا لا انكر المؤامرة في صناعة التاريخ وافسر،كثيرا من الاحداث بالاعتماد عليها واعتبر منطقتنا العربية كانت باستمرار مسرحا للمؤامرات الدولية ولها كل القابلية لذلك ( القابلية بمعنى ما قصده مالك ابن نبي في مصطلحه الفكري "قابلية الاستعمار".).

:2-لا اتبنى كثيرا مقولة ارادة الشعوب واحمل باستمرار قناعة ضعف شعوبنا وانكسار "سورة عزتها" (بسكون الواو بالمعنى الخلدوني ) وعدم قدرتها على صناعة التاريخ بل وخروجها من مجال صناعة قدرها منذ عقود بحكم الاستبداد وليس لدي ايمان بهذه الارادة الا لدى الشعوب التي تواجه الان الاستعمار بشكل مباشر ( شعوب المقاومة التي لم تدمرها نظم الدولة الوطنية العربية ..الدولة القطرية ..الدولة ما بعد الكولونيالية ..النظم الرسمية العربية . ).

: 3-مقتنع بأن الانقسامات الافقية داخل شعوبنا العربية ،والشعب التونسي أحدها، هي انقسامات حادة وفعلية ...شعوبنا تعيش فيما بينها حروب اهلية باردة ...نحن لم نعد شعوبا بل مجرد سكان وجماعات وطوائف تعيش مع بعضها ولا شيء يجمعها بل كل شيء يفرقها ... التعليقات الحاقدة على السياسيين والشماتة المتبادلة بين افراد الشعب والخلافات الاقصائية بين التيارات السياسية والمذاهب والطوائف هي حقيقة لا مجال لإنكارها ووجود طيف واسع من الشعوب يكره السياسيين والمثقفين ومن يخالفهم الرأي صحيح وتفضيل كثير من الناس للاستبداد على الحرية وللخبز على الكرامة صحيح وليس مجرد دعايات للإعلام الرسمي او الثورات المضادة ...هناك ازمة قيم وازمة مشتركات .

:4- مقتنع بأن كثيرا من نخبنا السياسية والعلمية والثقافية مخترق. وكثير منهم وظيفيون وغير قادرين على بناء التسويات فيما بينهم وكثير من الصادقين منهم قدموا تضحيات مجانية من اجل مبادئ ومشاريع ليس لها جمهور كبير يقدرها ويحترمها لأن الصادقين لم يتمكنوا من بناء ارضية اخلاقية او قيمية حتى يكون لهذه المبادئ انصار كثيرون واعني ان مبادئ الحرية والديمقراطية والنضال الاجتماعي ليست محل احترام من جمهور كبير وقد نجح الاستبداد الطويل في منطقتنا العربية في تخويف الناس من المناضل السياسي والاجتماعي وشوه صورته في اذهانهم لأسباب ذاتية في بعض المناضلين واسباب موضوعية ناتجة عن قوة المستبد العربي وادوات دعايته وتخطيط المستعمر في طبيعة اختياره للنخب التي يراهن عليها كحكم وكمعارضة وللنخب التي يشوهها ويحاول افشالها خفية .

: 5-مقتنع ان الثورات التي لم تتوفر لقيادتها وحمايتها نخب وجماهير ذكية لم تكن نتاجا لتخطيط النخب الوطنية والجماهير صاحبة المصلحة فيها ولذلك سهل احتواؤها وتوجيهها وتكريه الناس فيها .

:6- مقتنع ان المقاومة وجبهاتها في مواجهة الكيان هي أصدق النخب وان معاركها هي أصح المعارك واوضحها وكل المعارك الاخرى التي نخوضها كقوى سياسية تم توجيهها و اختراقها وتكريه الناس فيها ولم يعد لها جمهور قادر على حمايتها ولذلك ستتجدد باستمرار طرق مغالطتنا فيها وسينتصر علينا التسلط فيها بطرق جديدة كلما ظننا ان الحرية هي التي انتصرت .

:7- مقتنع ان ما تقدم اعلاه لا يعني السقوط في العبثية واللاجدوى بل يعني ان الوعي بذلك يدفعنا الى اعادة ترتيب افكارنا ومشاعرنا لنعرف اي المعارك نخوض وكيف ومتى واعتمادا على اي رؤية حتى لا نكون مجرد حطب يشتعل ليضيء طريق الانتهازيين والمستبدين والمغالطين والغزاة .

8 كل التعاليق التي ستذكرني برفعة المبادئ واهمية الارادة والنضال والتضحية والصبر وحتمية انتصار الخير وغيرها من قيم الحماسة والحمية اعرفها وانا ابن الثقافة الكفاحية والصمود فلا داعي لتكرارها على مسامعي ..لماذا ؟ .لأن هذه التدوينة هي تدوينة فكرية تحتاج نقاشا نظريا وهي من قبيل بناء اللحظات المعرفية التي تسبق بناء الجديد وليست تداعيات عاطفية تحتاج منكم دعما نفسيا واضح ؟ شكرا .

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات